للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلمّا بلغت الأبيات رسُول الله صلى الله عليه وسلَّم، أهدر دمه، فقال: "من لقي كعبًا فليقتله" فكتب بذلك بجير إلى أخيه وقال: اعلم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم، لا يأتيه أحد يشهد أن لا إله إلاَّ الله إلاَّ قبل ذلك. فأسلم كعب، وقال قصيدته "بانت سعاد" ثمَّ أقبل حتى أناخ بباب المسجد، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه مكان المائدة من القوم، يتحلقون حوله، فيلتفت إلى هؤلاء مرةً فيحدثهم، وإلى هؤلاء مرَّة فيحدثهم. قال كعب: فعرفت رسول الله، صلى الله عليه وسلم. بالصفة، فتخطيت حتى جلست إليه، فأسلمت وقلت: الأمان يا رسول الله. قال: ومن أنت؟ قلت: أنا كعب، قال: الذي يقول، ثمَّ التفت إلى أبي بكر فقال: كيف يا أباب بكر؟ فأنشده أبو بكر:

سقاك أبو بكر بكأس روية ... وأنهلك المأمور منها وعلَّكا

فقال: يا رسول الله، ما هكذا قلت! قال: كيف قلت؟ قال: قلت: "وأنهلك المأمون منها وعلكا" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مأمون والله. ثم أنشده القصيدة كلّها. انتهى. قلت: المأمور الأوَّل آخره بالرّاء المهملة، والمأمون الثاني آخره بالنون.

وأخرج الحاكم والبيهقي، والزبير بن بكّار في "أخبار المدينة" من طريق علي ابن زيد بن جدعان قال: أنشد كعب بن زهير رسول الله صلى الله عليه وسلم، في المسجد "بانت سعاد". وأخرجه في "الأغاني" بلفظ: في المسجد الحرام، لا مسجد المدينة. قال: فما بلغ كعب إلى قوله:

إنَّ رسول لنور يستضاء به ... مهند من سيوف الله مسلول

في فتية من قريش قال قائلها ... ببطن مكة لما أسلموا زولوا

أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بكمه إلى الخلق ليسمعوا. وذكر ابن إسحاق أنَّ ذلك كان بعد قدوم النبي، صلى الله عليه وسلم، من الطائف. وفي "الأغاني":

<<  <  ج: ص:  >  >>