يعني في الاستدارة، وكذلك قال الفراء، والثرة: الواسعة مخرج الماء، والعين: من السّحاب، ولا يكون في الروض شجر، فإن كان فليست بروضة، والروضة قد تكون ضابطة لمائها لا يجاوزها، وقد تدفع فضول الماء إلى غيرها من الرّياض والأودية، وقد يستحسن رياض القفاف والحزون وغلظ الأرض، وإن كانت البطون والسهول أكثر نباتًا وأطول وأبقى خضرة، وأبطأ هيجًا، قال الأعشى:
ما روضة من رياض الحزن معشبة ... خضراء جاد عليها مسبل هطل
قال أبو مجيب الربعي: الحزن: حزن نبي يربوع، وهو قف غليظ مسير ثلاث ليال في مثلها، وهي بعيدة من المياه، فليس ترعاها الشاء ولا الحمر، فليس فيها دمن ولا أوراث، وفي معنى قول أبي مجيب قول عنترة:
أو روضة أنفًا تضمّن نبتها .. البيت
وقد أكثر الشعراء في اختيار بعد الرّياض عن محالّ النّاس إرادة حسنها، ونفي الخبث عنها، ووفور عشبها. إلى هنا كلام الدينوري باختصار، فإنه قد أطنب الكلام في شرح الرّوضة في مقدار الكراريس. والأنف، بضم الألف والنون: التام من كلّ شيء، والغيث: المطر، والدمن، بكسر الدّال وسكون الميم: واحدها دمنة، وهو ما بقي من الآثار، كالبعر وما أشبهه، والمعلم كجعفر: المكان المشهور، قاله الأعلم في شرحه. وقال أبو جعفر النحاس، والخطيب التبريزي: معلم وعلم، بفتحتين، هما العلامة، أي: ليس بمشهور موضعها، فهو أحسن لنبتها وأتمّ له، فإنّ الروضة إذا كان موضعها معروفًا، قصدها النّاس للرعي، فيؤثرون فيها ويرسخونها وتداس وتدمّن. شبه رائحة فمها بريح روضة كاملة النبت، وجعل ما أصاب نبتها من الغيث قليل الدمن، أي لم يصادف فيها دمنًا لبعدها عن النّاس.
وقوله: جادت عليها .. الخ، هذه الجملة صفة أخرى لروضة، وجادت: أمطرت مطرًا جودًا –بفتح الجيم- وهو الغزير، وكل: فاعل جادت، واكتسبت