للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنَّ أجنب منها ثلاثًا واغتسل واحدة، فزعم أبو يوسف انها تطلق عليه ثلاثًا. وزعم الفراء أنَّ قول أبي يوسف غلط.

وإنَّ كان غير مناسب، نحو: كلّما دعوتي، فإن سقط هذا الحائط، فعبد من عبيدي حرّ، فإنَّ دعاه ثلاث دعوات، وسقط الحائط، فعليه عتق ثلاثة أعبد، ولا يلزم في غير المناسب التكرار، هذا مذهب الفراء. وأصول البصريين يقتضي التكرار، والمربوط بالفاء على ما يقتضي التكرار إذا كان الفعل قابلًا، سوا، كان مناسبًا أم غير مناسب، ولا يجوز أنَّ يكون فعل الشرط إلاَّ بما يمكن فيه التكرار، وكلّما في هذه المسائل ونحوها منصوبة، والعامل فيها محذوف يدل عليه جواب الشرط المعطوف بالفاء بعدها، والتقدير: إنَّت طالق كلّما أجنبت منك إجنابة، فإن اغتسلت في الحمام فأنت طالق، وكذلك: عبد من عبيدي حرّ كلّما دعوتني، فإنَّ سقظ هذا الحائط فعبد من عبيدي حرّ. ويبيّن ذلك أنَّ "ما" المضاف إليها "كلّ" هي ما المصدرية الظرفية وفيها معنى العموم، فإنَّ قلت: لا أصحبك ما طلعت الشمس، فمعناه: لا أصحبك مدة طلوع الشمس، فحذف مدة، وأقيم المصدر مقامه، ثمَّ جعلت "ما" والفعل وقامت مقام المصدرية، ولا يريد بذلك مطلق المصدر فيصدق بالمرة الواحدة، بل العرب لم تستعمل ما التوقيمية إلاَّ بمعنى العموم، ثمَّ دخلت "كلّ " فأكدت معنى العموم الَّذي فيها، فأنتصب على الظرف، قال تعالى: {كلّما نضجت جلودهم بدلناهم جلودًا} [النساء/٥٦] {كلّما دعوتهم ليتغفر لهم جعلوا} [نوح/ ٨] {وكلّما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه} [هود/٣٨] ولذلك كثر مجيء الفعل الماضي بعدها؛ لأنَّ ما التوقيتة كذلك، وما التوقيتية شرط من حيّث المعنى، وإنَّ لم يكن لها عمل إلاَّ على ما ذّهبّ إليه المصنف، فقد ذكر هو الجزم بها عن بعض العرب، وقال تعالى: {فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم} [التوبة/٧] لما جرت مجرى الشرط في المعنى، جرت مجراه في الجواب، فدخلت الفاء لما كان الجواب فعل أمر، كما تدخل في نحو: إنَّ جاء زيد فاضربه، ولم تدخل في قوله تعالى: {كلّما نضجت جلودهم بدلناهم} كما لم تدخل في إنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>