للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قام زيد قام عمرو، فحكم "كلّما" حكم أداة الشرط في اقتضاء جملتين يترتب إحداهما على إلاَّخرى. وإنَّما تعرضت لإعراب كلّما في هذه المسائل، وإنَّ كان من واضح إلاَّعراب لأنَّ بعضّ أصحابنا، وهو إلاَّستاذ أبو الحسن بن عصفور، زعم أنَّ كلّما في هذه المسائل مرفوعة على إلاَّبتداء، وقال: لا يجوز في هذه المسائل المذكورة غير ذلك. قال: وجملة الشرط والجواب في موضع خبرها، قال: ولابدَّ من عائد يعود عليها ملفوظ به أو مقدر، ودخلت الفاء على جملة الشرط والجواب، وهي في موضع خبر المبتدأ؛ لأنَّ كلّما اسم عام، وبعدها فعل، وكلّ اسم عام مضاف إلى موصوف بفعل قابل لأداة الشرط، أو ظرف أو مجرور، والخبر مستحق بذلك الظرف أو المجرور أو الفعل، ودخلت الفاء عليه لعلة ذكرت في باب إلاَّبتداء، قال: فعلى هذا إذا قلت: كلّما أجنبت منك إجنابة، فإنَّ اغتسلت في الحمام بعده فعبدي حرّ، ولابدَّ من ذلك لترتبط الصفة بالموصوف، والخبر بالمخبر عنه، وتكون جملة الشرط والجوابه مستحقة بكلّ اجنابة أجنبها، وكذلك أيضًا يلزم وإن لم يكن فعل الشرط مناسبًا لفعل كلّما، نحو قولك: كلّما أجنبت منك إجنابة، فإنَّ جاء زيد فعبدي حرّ، كانه قال: كلّ وقت أجنبت فيه منك بكلّ إجنابة أجنبتها. وهذا الَّذي ذهب إليه ابن عصفور تبعه عليه شيخنا أبو الحسن إلابدَّي، وهذا الَّذي ذهبنا إليه مدفوع بالسمّاع والقياس.

أمّا السماع فالمحفوظ من لسان العرب نصب كلّما هذه، والقرآن مملوء من ذلك، وأشعار العرب، وقد ذكرنا شيئًا من ذلك، وقال تعالى: {كلّما دخلت أمَّة لعنت أختها} [إلاَّعراف/٣٨] {كلّما آرادوا إنَّ يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها} [الحج/ ٢٢]، {كلّما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها} [الملك/٨]، {كلّما رزقوا منها من ثمَّرة رزقا قالوا} [البقرة/٢٥]، وقال الشاعر: كلّما جشأت وجاشت ... البيت. ولم يسمع من العرب الرفع في شيء من هذا كلّه، بل النصب والنصب على ما ذكرناه من الظرف؛ لأنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>