كلّا مضاف إلى ما الظرفيّة، والعامل في هذا الظرف هو الفعل الواقع جوابًا فـ (بدلناهم) عامل كلَّما من قوله تعالى: {كلّما نضجّت جلودهم} وكذلك البواقي، والفعل بعد كلّما في موضع صلة "ما" الظرفية، لا في موضع الصفة، كما زعم ابن عصفور.
وأما القياس، فانه لو كانت ما نكرة موصوفة لزم من ذلك شيئان، أحدهما: أنَّ النكرة الموصوفة إنَّما تقدّر بشيء، لانها مبهمة، فلا دلالة لها، على أنَّ ذلك الشيء هو وقت: لأنَّ العام لا دلالة له على تعيين إنَّ ذلك الشيء هو وقت، والثاني: انه لو كان الفعل واقعًا صفة لا صلة، للزم أنَّ يعود منه ضمير على الموصوف، ولا يحذف إلاَّ قليلًا؛ ولم يوجد في جميع استعمالات كلّما ضمير يعود على الموصوف فدلَّ على أنَّ الفعل ليس بصفة، وإنَّما هو صلة لما، وما حرف، فلا يعود عليها، ضمير، وإنَّما غلط الأستاذ أبو الحسن في ذلك انه رأى إنَّ ما بعد كلّما هو شرط دخلت عليه الفاء، فاذا نصب كلّما، فما بعد الشر لا يعمل فيما قبله، فعدل إلى وجوب الرفع في كلّما فرارًا من عامل النصب فيها، وقدر انه محذوف لدلالة جواب الشرط عليه، وأيضًا قد تقرر عند الجمهور أنَّ الخبر عن الموصول أو الموصوف بشروطه، شرط دخول الفاء عليه أنَّ يكون مستحقًا بالصلة أو الصفة، وهذه الجملة الواقعة خبرًا لكلّما إذا رفعت كلّما هي شرطية، فليست مستحقة بالصلة، ولا الصفة بل المستحق إنَّما هو قوله: فأنت طالق، أو فعبد من عبيدي حرّ، وهذا جواب للشرط لا خبر عن المبتدأ، إلاَّ أنَّ يقال: ما كان مستحقًا بشيء ومترتبًا عليه، جمل كانه مستحق بما قبله، وهذا كلّه في ضعيف. إلى هنا كلّام أبي حيّان، ونقلناه بطوله لأنَّ المسألة محرّرة فيه، وليظهر أنَّ مأخذ كلّام المصنف منه، وإنَّ تخطئته تعصب.
والبيت من شعر لعمرو بن الإطنابة قال المبرد في "الكامل": يروي عن معاوية انه قاله: اجعلوا الشعر أكبر همّكم وأكبر آدابكم، فإنَّ فيه مآثر أسلافكم،