للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو علي: فإن قيل: إن المقسم به إنما يكون جملة، وليس هذا بجملة؛ لأنَّ أن والفعل في تقدير اسم مفرد، قيل: إنَّ ذلك لا يمنع من وقوعه موقع الجملة التي يقسم عليها، وإن كان مفردًا، وذلك أن الفعل والفاعل اللذين جريا في الصلة يسدّان مسد الجملة، لكن رجع أبو علي عن ذلك في "التذكرة" و"البصريات" وقال: إن ذلك لم يرد في كلام العرب. وأمّا قوله تعالى: {يحلفون بالله ... } الآية، فاللام متعلقة بـ"يحلفون"، وليس القسم بمراد، إنما المراد الإخبار عنهم بأنهم يحلفون أنهم ما فعلوا ذلك ليرضوا بحلفهم المؤمنين، وكذا البيت يحتمل أن يكون لتغني متعلق بآليت على ما رواه أبو علي في "البصريات" ولم يرد القيم، وإنما أراد أن يخبر مخاطبه أنه قد آلى كي يشرب جميع ما في إنائه. ورواه أبو علي: "قلت بالله حلفة" ولا حجة فيه أيضًا؛ لاحتمال أن يكون بالله متعلقًا بفعل مضمر لا يراد به القسم بل الإخبار، ويكون قوله: لتغني عني، متعلقًا به، والتقدير: حلفت بالله حلفة كي تغني عني، ويجوز أيضًا أن يكون المقسم عليه محذوفًا؛ لدلالة الحال عليه، تقديره: لتشربنّ لتغني عني، وعلى هذا حمله أبو علي في "التذكرة" انتهى كلام ابن عصفور. وشذَّ ابن يعيش في رواية هذه الكلمة عن الأخفش بخلاف ما قدمناه، قال في "شرح المفصّل": أنشده أبو الحسن بفتح اللام للقسم، وفتح آخر الفعل على إرادة نون التوكيد، وحذفها ضرورة. انتهى. وتبعه السيد في شرح "المفتاح" فقال: واللام في لتغني جواب القسم، والياء مفتوحة بتقدير النون الخفيفة، وقد يروى بكسر اللام على تقدير "أن" انتهى.

وقول المصنف: ويروون البيت: "لتغننَّ" هذه رواية تعلب، قال في "أماليه" بعد ما روى البيت كما تقدم: ويروى "لتغننَّ" وهذا إنما يكون للمرأة إلًّا أنه في لغة طيّ جائز. انتهى. وهو بفتح اللام وكسر النون الأولى بعدها نون التوكيد الثقيلة، هكذا ضبطه أبو علي في "المسائل البصريات" وفي "كتاب الشعر" والعسكري في كتاب "التصحيف" كلاهما عن ثعلب، والأصل: لتغنينَّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>