ليكون حبيبًا وولدًا، فآل أمره إلى أن كان لهم عدوًّا، فالّلام للصيرورة. وردَّ بأنه حذف السّبب وأقيم المسبب مقامه.
وأمّا كونها بمعنى على، وبمعنى التعليل، وبمعنى بعد، وبمعنى من، وبمعنى في، وبمعنى إلى، فهو مذهب الكوفيين، وتبعهم القتبي، وتأول ما استدلَّ به بعض شيوخنا. فأما قوله: فخر صريعًا لليدين وللفم، بأنه لما كانت اليدان تتقدَّمان سائر البدن صار ذلك شبيهًا بما يسقط لسقوط غيره، فدخلت اللام لملاحظة ذلك، وبهذا يتأوَّل، والله أعلم {وتلَّه للجبين}[الصافات/ ١٠٣] انتهى المراد منه. قال تلميذه، ناظر الجيش: هذا التأويل لابن أبي الربيع، وكذا يتأوَّل على ما قاله قوله تعالى:{يخرُّون للأذقان سجّدًا}[الإسراء/ ١٠٧] وأما قوله تعالى: {دعانا لجنبه}[يونس/ ١٢] فيقال فيه: إنَّ الجار والمجرور في موضع الحال، ويدل على ذلك عطف الحال عليه، والتقدير: دعانا كائنًا لجنبه، فتكون اللام على هذا للتبيين، كما هي في سقيًا لك، والتبيين أحد معانيها، وقال ابن عصفور في قوله:
فخرَّ صريعًا لليدين وللفم
اللام متعلقة بمحذوف، والتقدير: فخر صريعًا مقدمًا لليدين وللفم، وما قاله ابن أبي الربيع أدخل في المعنى وأحسن. انتهى.
والمصراع من قصيدة لجابر بن حنيّ التغلبي، ذكر فيها قتل شرحبيل عمّ امرئ القيس، أوردها المفضل في "المفضليات" وقبله:
وقد زعمت بهراء أنَّ رماحنا ... رماح نصارى لا تخوض إلى الدَّم
فيوم الكلاب قد أزالت رماحنا ... شرحبيل إذ آلى ألية مقسم
لينتزعن أرماحنا فأزاله ... أبو حنش عن ظهر شقّاء صلدم
تناوله بالرُّمح ثمَّ اتَّنى له ... فخرَّ صريعًا لليدين وللفم