وأشعث قوّامٍ بآيات ربِّه ... كثير التُّقى فيما ترى العين مسلم
شككت له بالرّمح جنب قميصه ... فخرَّ صريعًا لليدين وللفم
على غير ذنبٍ غير أن ليس تابعًا ... عليًّا ومن لا يتبع الحقَّ يظلم
يذكّرني "حلم" والرُّمح شاجرٌ ... فهَّلا تلا "حلم" قبل التقدُّم
الأشعث: الجاف الشعر المنتشره، وقوّام: كثير القيام في صلاته بقراءة القرآن، وشككته: انتظمته، وخرّ: سقط، والصريع: المصروع. وقوله: على غير ذنب، أي: فعلت به ذلك، ولم يذنب إلاَّ بتركه عليّا، ويظلم: يضع الحقَّ في غير موضعه. يقوله لمحمد بن طلحة بن عبيد الله، وكان آخذًا بزمام جمل عائشة يوم الجمل، فجعل لا يحمل عليه أحد إلِّا حمل عليه، وقال:"حم لا ينصرون" فاجتمع عليه نفر كلّهم ادعى قتله، وادَّعى هذا الشاعر أنه قتله. انتهى كلامه. وقال ابن السيد البطليوسي أيضًا في"شرح أدب الكاتب": هذا الشعر يروى للمكعبر الأسدي، وقيل: للمكعبر الضبّي، ويقال: إنه لشريح بن أوفى العنسي، وقيل: إنه لعصام بن المقشعر العبسي. وذكر ابن شبة أنه للأشعث بن قيس الكندي، وهذا الشعر قيل في محمّد بن طلحة، وقتل يوم صفين، وكان علي قال لأصحابه: اجعلوا شعاركم "حم لا ينصرون" وكان محمّد بن طلحة من أصحاب معاوية، فكان إذا حمل عليه رجل من أصحاب علي يقول له محمّد: أسالك بحم، فيكفّ عنه، إلى أن حلم عليه الأشعث بن قيس، فقال له محمّد: أسالك بحم، فلم يلتفت إلى قوله، فقتله وقال هذا الشعر. انتهى كلامه. وقد شذَّ في قوله: وقتل يوم صفين: وكان من أصحاب معاوية، فإنَّ جميع من تكلم على الشعر من شراح "الكشاف" وغيره قالوا: إنه قتل في وقعة الجمل، فإنَّ صاحب "الكشاف" أورد قوله: