والله لأفعلن، وبالله لأفعلن، و {تالله لأكيدنَّ أصنامكم}[الأنبياء/ ٥٨]، وقد تقول: تالله، وفيها معنى التعجب. وبعض العرب في هذا المعنى: الله، فيجيء باللام، ولا يجيء إلاَّ أن يكون فيه معنى التعجب، قال أمية بن أبي عائذ:
لله يبقى على الأيّام ذو حيدٍ ... بمشمخرً به الظَّيّان والآس
انتهى كلامه. فأفاد أنَّ المثناة الفوقية في القسم قد يصحبها معنة التعجب، وقد لا يصحبها، بخلاف اللام القسميّة، فإنها لا تكون للقسم إلا مع التعجب، وأشار إلى هذا السيرافي بقوله: وفي التاء معنى التعجب، وكذلك اللام تدخل في القسم للتعجب. انتهى. فجعل التعجب علة لكون اللام في القسم. وزعم أبو حيان في "شرح التسهيل" وتبعه تلميذه ناظر الجيش أنَّ اللام في القسم قد تنفرد عن التعجب، قال: واللام في القسم بابها التعجب، وقد استعملها بعض العرب مع غير التعجب فيه، حكاه سيبويه في آخر باب الإضافة إلى المحلوف به، قال: ويقول بعض العرب: لله لأفعلن. انتهى. وأقول: لا دلالة في كلام سيبويه لما ذكره، وهذا نصه: واعلم أنَّ من العرب من يقول من ربي، أي: بضم الميم، لأفعلن ذلك، تجعلها في هذا الموضع بمنزلة الواو والباء في قوله: والله لأفعلن، ولا يدخلونها في غير ربي، كما لا يدخلون التاء في غير الله عز وجل، ولكن الواو لازمة لكل اسم يقسم به والباء، وقد يقول بعض العرب، لله لأفعلن كما تقول: تالله لأفعلنّ. انتهى كلامه.
والبيت من قصيدة مطلعها:
ياميُّ إن تفقدي قومًا ولدتهم ... أو تخلسيهم فإنَّ الدَّهر خلاَّس
عمرو وعبد منافٍ والذي عهدت ... ببطن عرعر آبي الضيم عبّاس
يا ميُّ إنَّ سباع الأرض هالكةٌ ... والعفر والأدم والآرام والنّاس
تالله لا يعجز الأيّام مبتركٌ ... في حومة الموت رزَّام وفرَّاس
يحمي الصَّريمة أحدان الرِّجال له ... صيدٌ ومجترئٌ بالليل همّاس