كلامه. وقال أبو علي في (الحجة) عند قوله عز وجل: (ولولا دفع الله الناس)[البقرة/ ٢٥١] الهاء في يدرسه للمصدر، ألا ترى أنها لا تخلو من أن تكون للمصدر أو للمفعول به؟ فلا يجوز أن يكون للمفعول به؛ لأنه قد تعدى إليه الفعل باللام، فلا يكون أن يتعدى إليه مرة ثانية، فإذا لم يجز ذلك علمت أنه للمصدر. انتهى. وقال أيضًا في (التذكرة القصرية) لا يجوز أن يكون على إضمار فعل يفسره يدرسه لأجل حرف الجر، ولا يجوز أن يكون مثل: بحسبك زيد؛ لقلته، ولكن التقدير: هذا سراقة للقرآن يدرسه درسًا، فالهاء ضمير المصدر، كما قال سيبويه في (ظننته) إنه ظننت الظن، وقد يجوز أن يكون (للقرآن) بمنزلة (لك) في قولك: سقيًا لك، أتى للبيان، ويكون الهاء ضمير القرآن. فإن قيل: يكون التقدير على هذا تأخير القرآن وهذا يؤدي إلى أنه أضمر قبل الذكر، قيل: قد حصل شرط الإضمار، وهو تقدم الضمير منه في اللفظ، والتقدير به التأخير غير ضائر إذ حصل شرط الإضمار، وهو تقدمه في اللفظ. انتهي. وبه يسقط قول المصنف في حواشي (التسهيل): إن (للقرآن) مبتدأ، واللام زائدة، مثلها في بحسبك زيد.
وقال أبو علي في (الحجة) أيضًا: قرأ ابن عامر: (اقتده) بكسر الدال وإشمام الهاء الكسر، من غير بلوغ ياء، ووجهها أن تجعل الهاء كناية عن المصدر، لا التي تلحق للوقف، وحسن إضماره لذكره الفعل الدال عليه، ومثل ذلك قول الشاعر:
فجال على وحشيه وتخاله ... على ظهره سبتًا جديدًا يمانيا
قال: تخال خيلانًا على ظهره سبتًا جديدًا، فعلى متعلق بمحذوف، وعلى هذا قول الشاعر: هذا سراقة للقرآن .. البيت. فالهاء كناية عن المصدر، ودل يدرسه على الدرس، ولا يجوز أن يكون ضمير القرآن؛ لأنَّ الفعل قد تعدى إليه باللام، فلا يجوز أن يتعدى إليه وإلى ضميره، كما أنك إذا قلت: أزيدًا ضربته؟ لم تنصب زيدًا بضربته، لتعديه إلى الضمير. ومثل ذلك ما حكاه أبو الحسن من قراءة بعضهم:{ولكلٍّ وجهة هو مولّيِها}[البقرة/ ١٤٨] فاللام متعلق بمول، والهاء كناية