على أنَّ اللام في لئن زائدة، والجواب للشرط، لأنه جاء مقرونًا بالفاء. وزعم الفراء أن الشرط قد يجاب مع تقدم القسم عليه، وظاهره أنَّ الفراء لا يقول بزيادة اللام والفاء جانب القسم، وأنَّ ذلك غير مخصوص بالشعر، وليس الأمر كذلك. وهذا كلامه في تفسير صريح في خلاف ما نقل عنه، قال عند قوله تعالى:{لئن اجتمعت الإنس والجنُّ على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله}[الإسراء/ ٨٨] لا يأتون: جواب لقوله: {لئن} والعرب إذا أجابت "لئن" بـ "لا" جعلوا ما بعد لا رفعًا، لأنَّ لئن كاليمين، وجواب اليمين بلا مرفوع، وربما جزم الشاعر؛ لأن "لئن" إن التي يجازي بها زيدت عليها لام، فوجّه الفعل فيها إلى فعل، ولو أتى بيفعل لجاز جزمه. وقد جزم بعض الشعراء بلئن، وبعضهم بلا التي هي جوابها قال الأعشى:
لئن منيت بنا عن غبِّ معركة ... لا تلفنا من دماء القوم ننتفل
وأنشدتني عقيلية فصيحة"
لئن كان ما حدِّثته اليوم صادقًا .. إلخ
وأنشدني الكسائي للكميت بن معروف:
لئن تك قد ضاقت عليكم بلادكم ... ليعلم ربِّي أنَّ بيتي واسع
انتهى كلام الفراء. وكذا قال في تفسير سورة البقرة إلاَّ أنه يخصه بالشعر قال عند تفسير قوله تعالى:{ولقد علموا لمن اشتراه}[البقرة/ ١٠٢] ما نصّه: صيَّروا جواب الجزاء بما يلقى به اليمين، إمّا بلام، وإمّا بإنَّ، وإما بما، فتقول في "ما": لئت أتيتني ما ذلك لك بضائع، وفي "إنّ": لئن أتيتني إنَّ ذلك لمشكور، وفي "لا": {لئن أخرجوا لا يخرجون معهم}[الحشر/ ١٢]، وفي اللام:{ولئن نصروهم ليولُّنَّ الأدبار} وإنما صيروا جواب الجزاء كجواب اليمين؛ لأنَّ اللام التي دخلت في:{ولقد علموا لمن اشتراه} وفي {لما آتيتكم من كتابٍ}[آل عمران/ ٨١]