للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي {لئن أخرجوا} إنما هي لام اليمين، وكان موضعها في آخر الكلام، فلما صارت في أوله صارت باليمين، فلقِّيت بما يلقَّى به اليمين. وإن أظهرت الفعل بعدها على يفعل جاز ذلك وجزمته، فقلت: لئن تقم لا نقم إليك، وقال الشاعر:

وإن تك قد ضاقت عليكم بيوتكم .. البيت

وأنشدني بعض عقيل:

لئن كان ما حدِّثته اليوم صادقًا .. إلخ.

فألغى جواب اليمين من الفعل، وكان الوجه في الكلام: لئن كان كذا لآتينَّك. وتوهم إلغاء اللام، كما قال الآخر:

فلا يدعني قومي صريحًا لحرَّةٍ ... لئن كنت مقتولًا ويسلم عامر

فاللام في لئن ملغاة، ولكنها كثرت في الكلام حتى صارت كأنها إن، ألا ترى أنَّ الشاعر قد قال:

فلئن قومٌ أصابوا غرَّةً ... وأصبنا من زمانٍ رققا

للقد كانوا لدى أزماننا ... لصنيعين: لبأسٍ وتقى

فأدخل على "لقد" لامًا أخرى، لكثرة ما تلزم العرب اللام في لقد، حتى صارت كأنها منها. وأنشدني بعض بني أسد:

فلا والله لا يلفى لما بي ... ولا للما بهم أبدًا دواء

ومثله قول الشاعر:

كما ما امرؤٌ في معشرٍ غير رهطه ... ضعيف الكلام شخصه متضائل

قال كما، ثمَّ زاد معها ما أخرى لكثرة كما في الكلام، فصارت كأنها منها، وقال الأعشى:

لئن منيت بنا عن غبِّ معركةٍ .. البيت

<<  <  ج: ص:  >  >>