وفي {لئن أخرجوا} إنما هي لام اليمين، وكان موضعها في آخر الكلام، فلما صارت في أوله صارت باليمين، فلقِّيت بما يلقَّى به اليمين. وإن أظهرت الفعل بعدها على يفعل جاز ذلك وجزمته، فقلت: لئن تقم لا نقم إليك، وقال الشاعر:
وإن تك قد ضاقت عليكم بيوتكم .. البيت
وأنشدني بعض عقيل:
لئن كان ما حدِّثته اليوم صادقًا .. إلخ.
فألغى جواب اليمين من الفعل، وكان الوجه في الكلام: لئن كان كذا لآتينَّك. وتوهم إلغاء اللام، كما قال الآخر:
فلا يدعني قومي صريحًا لحرَّةٍ ... لئن كنت مقتولًا ويسلم عامر
فاللام في لئن ملغاة، ولكنها كثرت في الكلام حتى صارت كأنها إن، ألا ترى أنَّ الشاعر قد قال:
فلئن قومٌ أصابوا غرَّةً ... وأصبنا من زمانٍ رققا
للقد كانوا لدى أزماننا ... لصنيعين: لبأسٍ وتقى
فأدخل على "لقد" لامًا أخرى، لكثرة ما تلزم العرب اللام في لقد، حتى صارت كأنها منها. وأنشدني بعض بني أسد:
فلا والله لا يلفى لما بي ... ولا للما بهم أبدًا دواء
ومثله قول الشاعر:
كما ما امرؤٌ في معشرٍ غير رهطه ... ضعيف الكلام شخصه متضائل
قال كما، ثمَّ زاد معها ما أخرى لكثرة كما في الكلام، فصارت كأنها منها، وقال الأعشى: