للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدَّمنا أنَّه لا يصحّن وقوله: وتوجيههم أن الأصل حين مناصهم .. إلخ، هذا الأصل غير صحيح أيضًا، لأنَّ معمول "لات" لا يجوز إضافته إلا إلى نكرة، ودعوى أنَّ المضاف وهو "حين" اكتسب البناء من المضاف إليه، ففيها أن شرط اكتساب البناء بالإضافة أن يكون المضاف زمانًا مبهمًا والمضاف إليه إمّا "إذا" أو فعل، أو جملة اسميّة، ومناص ليس واحدًا من الثلاثة، ثمَّ إنَّ البناء إنما سمع فيما ذكرنا على الفتح لا على الكسر.

والبيت الشاهد من قصيدة لأبي زبيد الطّائي النصراني، حكى أبو عمرو الشيباني وابن الأعرابي قالا: نزل رجل من بني شيبان اسمُه المكّاء برجل من طي، فأضافه وسقاه، فلما سكر، وثبت إليه الشيباني بالسيف، فقتله، وخرج هاربًا، وافتخر بنو شيبان بذلك، فقال أبو زبيد هذه القصيدة، وهذه أبيات منها:

خَبَّرتَنَا الرُّكبانُ أنْ قَدْ فرحتم ... وفخرتم بضربة المكاء

ولعمري لعارها كان أدنى ... لكم من تقى وحسنِ وفاء

ظل ضيفًا أخوكم لأخينا ... في صبوح ونعمة وشواء

لم يهب حرمة النديم وحقت ... يا لقومي للسوأة السواء

فاصدقوني وقد خبرتم وقد ثا ... بت إليكُم جوائبُ الأنباءِ

هل علمتم من معشرٍ سافهونا ... ثمَّ عاشوا صفحًا ذوي غلواء

كم أزالت رماحنا من قبيل ... قاتلونا بنكبة وشقاء

بعثوا حربنا إليهم وكانوا ... في مقام لو أبصروا ورخاء

ثم لما تشذرت وأنافت ... وتصلوا منها كريه الصلاء

طلبوا صلحنا ولات أوانٍ ... أليبت إلى أن قال:

أَبَديءُ أَنْ تقتلوا إذ قتلتم ... أم لكم بسطةٌ على الأكفاء

أم طمعتم بأن تريقوا دمانا ... ثم أنتم بنجوةٍ في السماء

فلحى اللهُ طالبَ الصلحِ منا ... ما أطاف المبس بالدهناء

<<  <  ج: ص:  >  >>