للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه قال: والحرف المصدري صلته في نحو ذلك معرفة فلا يقع صفة للنكرة، ولم يخصصه بأن وأنّ. وأما ما ذكره المصنف، ففيه أولًا إخبار بخلاف الواقع، فإنَّ النحويين يؤولون الحرف المصدري مع الفعل المسند إلى الضمير تارة بمصدر معرفة مطلقًا، وتارة بمصدر نكرة بحسب الاقتضاء، قال ابن جنبي في "الخاطريات": قال أبو الحسن في قول الله تعالى: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) [التوبة/ ١١٣] يقول: وما كان لهم استغفار للمشركين، وقال: (مَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) [يونس/ ١٠٠] أي: ما كان لهم الإيمان إلا بإذن الله، ففسر أبو الحسن: "أن يستغفروا" بالنكرة التي هي استغفار، وفسر "أن تؤمن" بالمعرفة التي هي الإيمان أخذ بالأمرين جميعًا، وذلك أن أبا الحسن كان يجيز أن يكون أن وصلتها الفعل المنصوب بها نكرة، كما تجيز الجماعة أن يكون معرفة، فقلت لأبي علي يومًا: قد وجد هذا الذي أجازه أبو الحسن من تنكير أن الموصولة في شعر امرئ القيس:

فدمعُهمَا سَحٌّ وسكبٌ وديمةٌ ... وَرَشٌّ وتوكافٌ وتنهمِلانِ

أي: وانهمال، ألا ترى أن جميع ما قبله من المصادر نكرة وأصله: وأن تنهملا، ثم لما حذف أن رفع الفعل، كقوله:

ألا أيُّهَذَا الزَّاجِرِي أحضُرُ الوَغَى

فرضي بذلك، وقبله، ودلني شاهد حاله حينئذ على أنه ما كان وقع له هو ذلك فيما قبل. ولما كان الاستغفار للمشركين محظورًا نكر المصدر الدال عليه تحقيرًا لشأنه، ولما كان الإيمان مما يرغب فيه ويُرجى، عرَّف المصدر الدال عليه تفخيمًا. انتهى كلام ابن جني. وفيه تصريح بجواز التأويل بنكرة وبمعرفة باللام، وبموافقة أبي علي وابن جني لأبي الحسن، وبحكاية ابن جني عن النحويين جواز التأويل بالمعرفة مطلقًا

<<  <  ج: ص:  >  >>