بقوله: كما تجيز الجماعة أن يكون معرفة، وهذا كان سندًا لما قلنا. وقد أول البيضاوي في بعض الآيات بنكرة، قال في قوله تعالى:(وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى)[يونس/ ٣٧] قال: أي: افتراء من الخلق والمصنف نفسه أول الآية كذا في الرابع من الجهة الثانية من الباب الخامس من هذا الكتاب، وفي باب كان وما جرى مجراها من الباب الخامس أيضًا في قوله تعالى:(وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا)[الشورى/ ٥١] أول قوله تعالى: (أو يرسل) بقوله: أو إرسالًا.
الوجه الثاني: أنه لا يلزم من كونه لا يوصف أن يكون بمنزلة الضمير طردًا وعكسًا فإن "اللهم" لا يوصف، وليس هو بمنزلة الضمير، والمضاف إلى الضمير في مرتبة الضمير، مع أنه يوصف، وإنما لم يوصف المصدر المؤول من الحرف والفعل، لأن لفظه مانع منه، لكونه مركبًا من حرف وفعل، ومثله لا يوصف.
الوجه الثالث: أنَّ اتفاق السبعة على النصب ليس لأجل أن في الرفع ضعف الإخبار بالضمير عما دونه، بل إنما اتفقوا عليه، لأن المعنى عليه، لأن القول المذكور مقرر، والمتنازع فيه إنما هو الحجية، فلا يصح فيه إلا الخبرية. كما لا يخفى على من له بصيرة، فإنه إنما يراعي في الإخبار جعل المقصود بالإفادة خبرًا. سواء كان أعلى أو أدنى، أو مساويًا، تقول لمن قال لك: من هذا الرَّجل منك؟ الرجل ابني، فتخبر بالأعلى بغير تردد، ولو عكست لم يصحّ كما قرره النّحاة، وأهل المعاني.
الوجه الرَّابع: أنهم صرحوا بأنَّ المضاف في رتبة المضاف إليه، فالمضاف إلى الضمير في مرتبته، فتساويا، فإن أبيت إلا أنه دونه لاكتسابه التعريف منه، فهذا أيضًا كذلك، وما المانع من الإخبار عنه بما هو في رتبته. لا سيما وقد جوزوا في النواسخ الإخبار بالمعرفة عن النكرة فكيف بما انحطت رتبته. قال الرضى في باب كان: واعلم أنه يخبر في هذا الباب عن النكرة المحضة، ولا يطلب التخصيص مع حصول الفائدة، وقد يخبر في هذا الباب، وفي باب أنَّ بمعرفة عن نكرة، ولم يجز ذلك في باب