للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبتدأ والخبر للإلباس لاتفاق إعرابي الجزءين هناك، واختلافهما هنا، وقال الزمخشري: لا يخبر ههنا عن نكرة بمعرفة، إلا ضرورة، وقال ابن مالك: بل يجوز ذلك اختيارًا، ولا خلاف عند من يجوزه اختيارًا أيضًا أن الأولى جعل المعرفة اسمًا والنكرة خبرًا، ألا ترى أنهم قالوا: إنّ "أن" أولى بالاسمية بما تقدم في نحو قوله تعالى: (مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا) [الجاثية/ ٢٥] مع كونهما معرفتين. انتهى المراد منه باختصار.

الوجه الخامس: قال الدماميني قوله المقدرتين بمصدر معرف يقتضي أنهما لو كانتا مقدرتين بمصدر منكر لم يثبت لهما حكم الضمير، فيجوز وصفهما كما إذا قيل: أعجبني ما صنع رجل حسن، على أن تجعل الصفة للمصدر المقدر، أي: صنع رجل حسن، وفي جواز مثله نظر، فتأمله. انتهى.

وقول الشاعر: وربما فات قومًا .. إلخ "ربما" هنا يحتمل أن تكون لإنشاء التكثير، ويحتمل أن تكون للتقليل، والراجح الأول، لأن البيت في ذم التأني، ومدح العجلة، وفات: سبق، وجلّ الشيء بالضم: معظمه. وروي بدله بعض، والتأني: مصدر تأنّي في الأمر: تمكّث، ولم يعجل، و"من" للتعليل، والحزم: التيقظ، وإتقان الأمر وضبطه، مصدر حزم رأيه من باب ضرب: إذا أتقنه. والبيت لم أعرف قائله، ولا تتمته، وقد نسبه المصنف إلى الأعشى، وليس له شعر على هذا الوزن والرَّويّ إلا قصيدته التي مطلعها:

ودَّعْ هريرةَ إنَّ الركبَ مُرْتحِلُ ... وهلْ تُطيقُ وداعًا أيُّها الرجلُ

وليس فيها هذا البيت.

وقال السيوطي: هو من قصيدة للقطامي مطلعها:

إنا محيوكَ فاسلَمْ أيُّهَا الطَّلَلُ ... وإن بلِيتَ وإنْ طالتْ بِكَ الطِّيَلُ

إلى أن قال:

والعيشُ لا عيشَ إلا ما تقرُّ بِهِ .. عينٌ ولا حالَ إلَّا سوفَ تنتقِلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>