للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولامت قريشٌ في الزبيرِ مجاشعًا ... ولم يعذروا من كان أهلَ الملاومِ

وكان الغدر بالزبير بعد انصرافه من وقعة الجمل، قال الحافظ ابن عبد البر في "الاستيعاب": شهد الزبير بن العوام الجمل، فقاتل فيه ساعة، فناداه علي، وانفرد به، فذكره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له وقد وجدهما يضحكان بعضها إلى بعض: "أما إنك ستقاتل عليًا وأنت له ظالم" فذكر الزبير ذلك، فانصرف عن القتال نادمًا مفارقًا للجماعة التي خرج فيها، منصرفًا إلى المدينة، ولما بلغ سفوان موضع من البصرة كمكان القادسية من الكوفة لقبه النُعر، رجل من بني مجاشع، فقال: أين تذهب يا حواري رسول الله؟ إليَّ فأنت في ذمتي لا يوصل إليك، فأقبل معه، وأتى إنسان الأحنف بن قيس، فقال: هذا الزبير قد أتى سفوان، فقال الأحنف: ما شاء الله كان، قد جمع بين المسلمين حتى ضرب بعضهم حواجب بعض بالسيوف، ثم يلحق ببيته وأهله، فسمعه عمرو بن جرموز السعدي، وفضالة بن حابس ونفيع في غواة من بني تميم، فركبوا في طلبه، فلقوه معه النعر، فأتاه ابن جرموز من خلفه وهو على فرس له ضعيفة، فطعنه طعنة خفيفة، وحمل عليه الزبير وهو على فرس له يقال له: ذو الخمار حتى إذا ظن أنه قاتله نادى صاحبيه يا نفيع، يا فضالة، فحملوا عليه حتى قتلوه، ولما جاء قاتل الزبير عليًا، استأذن عليه، فلم يأذن له، وقال للآذن: بشره بالنار، فقال:

أتيتُ عليًّا برأسِ الزبيرِ أرجو لديهِ بهِ الزلفهْ

فبشرَ بالنارِ إذ جئتُهُ فبئس البشارةُ والتُحفّهْ

وسيانِ عندي قتلُ الزُّبيرِ وضرطَهُ عنزٍ بدِي الجُحفَهْ

انتهى. وترجمة جرير تقدمت في الإنشاد الحادي عشر من أول الكتاب.

وكان الفرزدق هجاه بقصيدة، فأجابه جرير بهذه القصيدة، ومن قصيدة الفرزدق بعد المطلع يهجوه ويهجو قومه بني كليب بلسان أمه، وكان يسميه ابن المراغة، لأن قومه أصحاب حمير:

<<  <  ج: ص:  >  >>