الظاعِنُونَ على العما بجميعهم ... والنازلون بشرٍّ دارِ مُقَامِ
لو غيرُكُمْ علقَ الزبيرُ ... البيت.
وذم فعل أمر، والبيت استشهد به صاحب "الكشاف" والبيضاوي عند قوله تعالى: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ)[الإسراء: ٣٦] على أنَّ أولئك وإن غلب في العقلاء جاء لغيرهم كما في البيت، وكذا استشهد به المصنف في "شرح الألفية"، ووقع في بعض نسخ "المناقضات" وفي "منتهى الطلب" الأقوام بدل الأيام، وزعم ابن عطية أنَّ هذه الرواية هي الصواب، وأنَّ الطبري غلط في إنشاده الأيام، وتبعه الزجاج. وقوله: مهلًا فرزدق، هو منادى بـ "يا" مضمرة، والحَوَر، بفتحتين: الضعف والجبن، والأحلام: جمع حلم بالكسر، وهو العقل. وقوله: الظاعنون .. إلخ. قال شارح "المناقضات" ابن حبيب: معناه أنهم يركبون ما لا ينالون غايته، وينزلون شر البقاع لنذالتهم لا يمكنون من موضع جيد.
وقوله: لو غيركم علق الزبير بحبله .. البيت. يشير إلى غدر رهط الفرزدق بالزبير رضي الله عنه، وهذا أحد الأمور التي نعاها جرير على الفرزدق، والتزم هجوه بها، ومنها تسمية أبيه القين، فإن جبيرًا كان قينًا لعصعصة جد الفرزدق، فنسب أباه غالبًا إلى القين، ومنها عدم معرفته بركوب الخيل والمحاربة، ومنها أسر أخته جعثن، وفعل الفاحشة بها، وكان جرير يقول: أستغفر الله فيما قلت لجعثن، فإنها كانت إحدى الصالحات. قال في قصيدة أخرى:
أتمدَحُ يا ابن القينِ سعدًا وقد جرت ... لجعثن فيهم طيرها بالأشاتم