وإنما لم يجعله مفعولًا مقدمًا لعلق المذكور لأنه، قد استوفى معموله، وهو قوله "بحبله" فيكون "غير" منصوبًا بفعل آخر يفسره المذكور في باب الاشتغال، كقولك: زيدًا مررت به، وعَلِقَ من باب فرح، جاء متعديًا بنفسه وبالباء كما في "القاموس" وغيره، والأوَّل بمعنى أمسك، والثاني بمعنى: نشبن قال الزمخشري في "أساس البلاغة": علق به وعلقه نشب به، قال:
إذا عَلِقَتْ قِرْنًا خطاطيفُ كفه ... رأى الموتَ في عينيه أسود أحمرا
وقال جرير:
إذا علقت مخالبه بقرنٍ أصابَ القلبَ أو هتكَ الحجابَا
انتهى. وقد رواه شارح "المناقضات": لو غيركم علق الزبير ورحله، بنصب غير، ورفع رحله بالعطف على الزبير وهو أثاث المسافر، فيكون غيركم مفعولًا مقدمًا لعلق المتعدي لا من باب الاشتغال، وكذا الإعراب في رواية صاحب "منتهى الطلب من أشعار العرب": "لو غيركم علق الزبير وحبله" والحبل: العهد. وقال ابن وحيي في شرحه: وفي "القاموس" علقه وبه، فعلى هذا يكون الزبير من قوله: لو غيركم علق الزبير بحبله منصوبًا، ويكون المعنى: لو علق غيركم الزبير بحبله، أي: علقه به، وهو أظهر، ولا يحتاج إلى ما ذكرنا سابقًا من تقدير كان الشأنية. هذا كلامه، ولم أقف على رواية نصب الزبير، والله أعلم.
والحبل مستعار للعهد والأمان، وأدَّى: من أدَّى الأمانة إلى أهلها: إذا أوصلها والجوار بالكسر: أن تعطي الرجل ذمة، فيكون فيها جارك فتجيره، والمراد بتأديتها الوفاء بها، والخروج من عهدتها كما ينبغي.