حرف الجر، ألا ترى أنه لا فرق بين قولك: إن زيدًا ضربته، وإن زيدًا ضربت غلامه، وإنما يجيء اللبس عند الضعفاء من جهة فهمهم أنه يقدر مثل ذلك الفعل، كقولك: زيدًا ضربته، أو ما في معناه من كل وجه، كقولك: زيدًا مررت به، لإمكان: جاوزت زيدًا، وليس الأمر كما توهموه، بل يقدر مثل الفعل إن أمكن، أو ما في معناه من كل وجه إن تعذر نفس الفعل، أو الملابسة إن تعذر الأمران مثل هذه المسألة التي نحن فيها.
وأما كونه جاء على ما لم يسم فاعله، فليس بمستند، إذ لا فرق بين نصب: الدرهم أعطيت له، وبين نصب: الدرهم أعطيته، وإنما المعتبر كون الفعل معدى إليه تعدي الناصب، وليس "زيد ذهب به" مثله؛ لأن الفعل لم يتعدَّ إليه تعدي الناصب، لأن الجار والمجرور في موضع رفع، فوجب الرفع لذلك، إذ شرط النصب كون الفعل معدى إلى المضمر، أو إلى ما يتعلق به تعدي الناصب، نعم لو قلت: الثوب كسيته، لجاء جواز النصب، وكل موضع يجوز النصب فيه إذا طرأ فيه ما يوجب الفعل وجب النصب، فتبين أن النصب واجب في قوله: ولو قلمًا، على تقدير: ولو لابست قلمًا ألقيت في شق رأسه، ولو قيل: ولو قلم ألقي به، وشبهه لوجب الرفع، وكان مثل ذلك: زيد ذهب به، لما تقدم من أن تعلقه بما يتعلق بالضمير على غير وجه تعدي الناصب، ولو قيل: إنه ليس من هذا الباب، وإنما هو من باب ما حذف منه فعله لكثرته في الكلام كقولهم: ائتني بدابة ولو حمار أو شبهه، فيكون التقدير: ولو كان قلم. ويكون ألقيت في موضع رفع صفة لقلم، لا أنه جيء به لتفسير فعل محذوف، كأنه قيل: ولو كان قلم أنا ملقىً في شق رأسه لما غير، إلا أنه ليس بالكثير، ولا بالظاهر في هذا، ولأن المفهوم من القائل: لو ألقيت في شق القلم، لا لو كان قلم. وقوله: من السقم متعلق بألقيت لا بغيرت، وإن كان المعنى يقوي غيرت لو ساعد الأمر اللفظي عليه، وعلى أن المعنى في تعلقه بألقيت مستقيم، أما كونه لا يصح تعلقه بغيرت، فلأن ما في حيز جواب الشرط لا يتقدم على الجواب، كما أن ما في حيز الشرط لا يتقدم عليه باتفاق، ألا ترى أنه لا يجوز أن تقول: إن