تضربني في الدار أحسنت إليك، على أن يكون في الدار متعلق بأحسنت، بل يحكم قطعًا بأنه متعلق بتضربني، فكذلك هذا، على أن ثم مانعًا آخر، وهو أن ما في حيز النفي لا يتقدم عليه، إلا أنه لا ينبغي أن يستمسك به هنا لما وقع من الخلاف في مثله، لتقدم الظروف عليه، لاتساعهم فيه.
وأما بيان أن المعنى يستقيم بتعلقه بألقيت، فمن جهة صحة تعليله به، لأن إلقاءه فيه إنما صح من أجل السقم الذي هو عليه، ولولا ذلك لم يمكن باعتبار الطريق الذي يقصده الشعراء في استعمال الأوهام. وجواب لو قوله: ما غيرت، واللام محذوفة، وحذفها سائغ، فصيح في القرآن والشعر. كقوله تعالى:(لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا)[الواقعة/ ٧٠]، وقوله: من خط كاتب، مبالغة من وجهين: أحدهما أنه أتى بمن المشعرة بالتبعيض. كأنه قال: ما غيرت شيئًا أصلًا. أو بمن الزائدة للتأكيد، وهي تقتضي تقوية ذلك المعنى. والثاني: أنه أتى بكاتب نكرة، ليفيد التعميم في كل خط لكل كاتب. وهو أبلغ من أن يكون مختصا فيها، أو في أحدهما. انتهى كلام ابن الحاجب برمته، وجميعه جيد إلا قوله: واللام محذوفة. فإن جواب لو المنفي لا يدخله اللام إلا قليلًا، والفصيح تركه. وقول المصنف: وقد يعلق بغيرت .. إلخ، يوهم صحة تعلقها به مع أنه لا يصح، لأن ما في حيز الجواب لا يجوز تقدمه، كما نبه عليه ابن الحاجب، فكان الأولى بتلخيص المصنف أن يقتصر على هذا، وكان المقدرة الرافعة لقلم تامة. ولم يكتب الواحدي على هذا البيت شيئًا أصلًا، وهو من قصيدة مدح بها أبا القاسم طاهر بن الحسين العلوي، مطلعها: