للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجملة غادروه وصف له، وغير زميل: خبره، ولا موضع من الإعراب في وجه النصب لجملة "غادروه" لأنها مفسرة، فحكمها حكم الجملة المفسرة، وحسن رفع فارس بالابتداء وإن كان نكرة، لأنه تخصص بالصفة، وإذا نصبته نصبت غير زميل وصفًا له، ويجوز أن يكون وصفًا للحال التي هي ملحمًا، والملحم: الذي ألحمته الحرب وذلك أن ينشب في المعركة، فلا يتجه له منها مخرج، ويقال للحرب: الملحمة، والزميل: الجبان الضعيف، والنكس من الرجال: الذي لا خير فيه مشبه بالنكس من السهام وهو الذي ينكسر فوقه، فيجعل أعلاه أسفله، والوكل: الذي يكل أمره إلى غيره، والميعة: النشاط، وأول جري الفرس، وأول الشباب، والآطال: الخواصر، واحدهما إطل وقد يخفف، وهو أحد ما جاء من الأسماء على فعل ومنه إبل، ولاحق الآطال، أي: قد لصقت إطلة بأختها من الضمر، وجمعت الإطل في موضع التثنية وذلك أسهل من الجمع في موضع الوحدة، كقولهم: شابت مفارقة، ولو قالت: لاحق الإطلين، بسكون الطاء أعطت الوزن والمعنى حقهما، والنهد من الخيل: الجسيم المشرف، وقولها: غير أن البأس، نصب غير على الاستثناء المنقطع، والبأس: الشدة في الحرب، والشيمة: الطبيعة، وصروف الدهر: أحداثه. انتهى كلامه.

وأقول: المناسب أن يكون "فارس" خير ضمير المرثي، فإن المراد ذكر ما يتعلق به من الصفات الحميدة لا الإخبار عن فارس بكذا وكذا، و"ما" صلة للتفخيم، كقولهم: لأمرٍ ما يسود، وفسر أبو زكريا "ملحمًا" بضم الميم بقوله: طعمة للسباع، وهو حال من الهاء في غادروه، وضبطه بعضهم بفتح الميم، وفسره بهذا التفسير، وضبطه آخر بضم الميم، وفتح الجيم، أي: مقيدًا كالفرس الملجمة، فلا تقدر على التصرف في نفسها. والزميل، بضم الزاي وفتح الميم المشددة، وسكون الياء، والنكس، بكسر النون، والوكل، بفتح الواو والكاف، ولاحق: بمعنى ضامر.

يقول: لو شاء، لأنجاه فرس له ذو نشاط.

وقوله. غير أن البأس .. إلخ، هو من تأكيد المدح بما يشبه الذم، يقول: لو اختار الفرار، لأمكنه، لكنه كان سجيته البأس والأنفة من العار بالفرار فثبت، وبالأجل حال، وقيل: الباء للتعدية، أي: تجري الأجل، وعلى هذا اقتصر أبو زكريا.

<<  <  ج: ص:  >  >>