للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا كلامه. وهذا عندي أحسن مما تقدم، وأبلغ أما حسنه، فقلة الحذف فيه، وأما كونه أبلغ، فلأن معناه: إنكم تظنون عقر الإبل أفضل مجدكم، ولا تقدرون على مبارزة كمي فضلًا عن قتله. والعقر: مصدر عقر الناقة بالسيف من باب ضرب: إذا ضرب قوائمها به، هذا موضوع الكلمة، وربما قيل: عقر البعير بمعنى: نحره، والنيب: جمع ناب، وهي الناقة المسنة، والمجد: الشرف، وبني ضوطرى: منادى بإضمار يا. قال شارح ديوان جرير: ضوطرى: لقب مجاشع جد الفرزدق، وهو العبد الكثير اللحم، ويقال فيه: ضواطر أيضًا بلا ألف، قال جرير في هجو الفرزدق أيضًا:

وما نوخوها قينكمْ آلَ ضواطرٍ ... لألأمَ منْ يحذيَ على قدمٍ نعلًا

أراد: لم ينزلوا المرأة في منزل الفرزدق كما تناخ الناقة، ويقال: ضاطر أيضًا.

قال جرير في هجوه أيضًا:

وجدَ الزبيرُ بذي السباع مجاشعًا ... للحيثلوطِ ونزوةً منْ ضاطرِ

قال شارحه: أراد وادي السباع، وبه قتل الزبير، والحيثلوط: العبد الحسيس، وضاطر: عبد كثير اللحم نسبهم إليه، والكمي: الشجاع المتكمي في سلاحه، لأنه ككمى نفسه، أي: سترها بالدرع والبيضة، قال الجوهري: وجمعه كماة، قال ابن السيد في "شرح أبيات الجمل": الذي على رأسه المغفر والبيضة، والمعنى: إنكم تفخرون بذبح الإبل المسنة التي لا ينتفع بلبنها ولا يرجى نسلها، ولا تقدرون على مبارزة الأقران، ومقارعة الشجعان، يرميهم بالجبن والخور.

والبيت من قصيدة لجرير هجا بها الفرزدق، وحكاية عقر الإبل مشهورة في كتب التواريخ محصلها أن أهل الكوفة أصابتهم مجاعة، فخرج أكثر الناس إلى البوادي، وكان غالب أبو الفرزدق رئيس قومه، وكان سحيم بن وثيل الرياحي رئيس قومه، فاجتمعوا في أطراف السماوة من بلاد كلب على مسيرة يوم من

<<  <  ج: ص:  >  >>