للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكوفة، فعقر غالب لأهله ناقة صنع منها طعامًا، وأهدى إلى قوم من تميم جفانًا وأهدى إلى سحيم جفنة، فكفأها، وضرب الذي أتى بها، وقال: أنا مفتقر إلى طعام غالب؟ ! ونحر سحيم لأهله ناقة، فلما كان من الغد، نحر غالب لأهله ناقتين، ونحر سحيم ناقتين، وفي اليوم الثالث نحر غالب ثلاثًا، فنحر سحيم ثلاثًا، فلما كان اليوم الرابع، نحر غالب مائة ناقة، ولم يكن لسحيم هذا القدر، فلم يعقر شيئًا، ولما انقضت المجاعة، دخل الناس الكوفة. قال بنو رياح لسحيم: جررت علينا عار الدهر هلا نحرت مثل ما نحر غالب، وكنا نعطيك مكان كل ناقة ناقتين، فاعتذر أن إبله كانت غائبة نحو ثلاثمائة ناقة، وكان في خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فمنع الناس من أكلها، وقال: إنها مما أهل لغير الله، ولم يكت الغرض منه إلا المفارخة والمباهاة، فجمعت لحومها على كناسة الكوفة، فأكلها الكلاب والعقبان والرخم، وقد أورد القالي هذه الحكاية في "ذيل أماليه" بأبسط مما ذكرنا، وأورد ما قيل فيها من الأشعاؤ، وما مدح به غالب، وهجي به سحيم.

وكان السبب في هجو جرير الفرزدق بالقصيدة التي منها البيت الشاهد أن الفرظدق كان قد تزوجت حدراء الشيبانية، وكان أبوها نصرانيًا، وهي من ولد قيس بن بسطام، وماتت قبل أن يصل إليها الفرزدق، وقد ساق إليها المهر، فترك المهر لأهلها وانصرف وكان جرير عاب عليه في تزوجها فقال الفرزدق في ذلك:

يقولونَ زرْ حدراءَ والتربُ دونها ... وكيفَ بشيءٍ قدْ تقطعا

يقولُ ابنُ خنزيرٍ بكيتَ ولم تكنْ ... على امرأةٍ عيني إخالُ لتدمعا

وأهونَ رزءٍ لامرئٍ غيرِ عاجزٍ ... رزيةُ مرتجَّ الروادفِ أفرعا

وما ماتَ عندَ ابنِ المراغةِ مثلها ... ولا تبعتهُ ظاعنًا حيثُ دعدعا

فأجابة جرير بقصيدة منها:

<<  <  ج: ص:  >  >>