كأنهما في الراء والميم، وصارت الراء والميم كأنهما مفتوحتان، وصارت الهمزتان لما قدرت حركتاهما في غيرهما كأنهما ساكنتان، فصار التقدير فيهما مرأة وكمأة، ثم خففتا فأبدلت الهمزتان الأفين، لسكونهما وانفتاح ما قبلهما، فقالوا: مراة وكماة، كما قالوا: في رأس وفأس لما خففا: راس وفاس، وعلى هذا حمل أبو علي قول عبد يغوث:
وتضحكُ مني شيخةٌ عبشميةٌ .. البيت.
قال: جاء به على أن تقديره محققًا: كأن لم ترأ، م إن الراء لما جاورت وهي ساكنة الهمزة متحركة صارت الحركة كأنها في التقدير قبل الهمزة، واللفظ بها كأن لم ترا، ثم أبدل الهمزة ألفًا لسكونها وانفتاح ما قبلها، فصارت ترا، فالألف على هذا التقدير بدل من الهمزة التي هي عين الفعل، واللام محذوفة للجزم على مذهب التحقيق وقول من قال: رأى يرأى، قال سراقة البارقي:
أري عينيَّ ما لمْ تراياهُ ... البيت، وقد رواه أبو الحسن: ما لم ترياه على التخفيف الشائع عنهم في هذا الحرف، وقرأت على أبي علي في "نوادر أبي زيد":
كذا قرأته عليه تر مخففًا، ورواه غيره ترأ ما لاقيت، إلى هنا كلام ابن جني.
وقد أعاده مختصرًا في باب إجراء المتصل مجرى المنفصل من كتاب "الخصائص" قال: كذا أنشده أبو زبد بفتح الراء، وقال: أراد النون الخفيفة فحذفها، وحذف نون التوكيد وغيرها من علاماته جارٍ عندنا مجرى إدغام الملحق في أنه نقض الغرض، إذا كان التوكيد من أماكن الإسهاب والإطناب، والحذف من مظان الاختصار والإيجار، لكن القول فيه عندي أنه أراد:(أ) يوم لم يقدر أم يوم قدر، ثم خفف همزة أم، فحذفها، وألقي حركتها على راء يقدر، فصار تقديره:(أيوم) لم يقدر ام (ثم أشبع فتحه الراء فصار تقديره: أيوم لم يقدر ام)، فحرك الألف لالتقاء الساكنين، فانقلبت همزة فصار تقديره يقدر أم، واختار الفتحة اتباعًا