الماضي، فالهمزة مثبتة، وكان المازني يقول: الاختيار عندي أن أرويه: ترياه بغير همز، لأن الزحاف أيسر من رد هذا إلى أصله، وكذلك كان ينشد قول الآخر:
أَلمْ ما لا قيتُ والدهرُ أعصرُ ... ومن يتمل العيش يرى ويسمعُ
بتخفيف الهمزة. انتهى.
ونقل أبو حيان في "تذكرته" من كتاب "لغات القرآن" للفراء أنه قال: رأيت بالهمزة، ويجتمعون جميعًا على يرى ونرى وأرى بغير همز إلا بني أسد وتيم الرباب، فإنهم يهمزون ترى، فيقولون تراى، أنشدني بعض بني أسد:
ألا تلك جارتنا بالغضا ... تقول أتر أينهُ لنْ يضيفا
وأنشدني معاذ:
أري عينييَّ ما لمْ ترأياهُ ... كلانا عالمٌ بالترهاتِ
وأنشدني المفضل:
ألمْ تر ما لا قيتُ والدهرُ أعصرٌ ... ومن يتمل العيش يرأ ويسمعا
انتهى. وأنشده أبو زيد في "النوادر" كما تقدم، وقال: ورواه أبو حاتم عن أبي عبيدة: ما لم تبصراه، والترهات: الأباطيل. قال الجاحظ في فصل محاسن الدهاء والحيل من كتاب "المحاسن والأضداد": قال الهيثم بن الحسن بن عمارة: كان سراقة البارقي من ظرفاء أهل الكوفة، فأسره رجل من أصحاب المختار فأتى به المختار، فقال له: أسرك هذا؟ قال سراقة: كذب والله ما أسرني إلا رجل عليه ثياب بيض على فرس أبلق، فقال المختار: أما إن الرجل قد عاين الملائكة، خلوا سبيله، فلما أفلت أنشأ يقول:
ألا أبلغْ أبا إسحاقَ أني ... رأيتُ البلقَ دهمًا مصمات
أري عينيَّ ما لمْ ترأياهُ ... كلانا عالمٌ بالترهاتِ
كفرتُ بوحيكمْ وجعلتُ نذرًا ... عليَّ قتالكمْ حتى المماتِ