للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ القوافي منصوبة، ولا يتقدم خبرها على اسمها، ويجوز أن بمعنى الأمر، والجملة بعدها في موضع خبرها كما قالوا: إني مما أن أفعل، وذهب ابن درستويه وبعض الكوفيين إلى أنها نكرة مبهمة، ويقوي ما ذكرته قوله: أضاءت بلفظ الماضي، أي: لعل الأمر أضاءت. هذا كلامه، وقد رده أبو حيان، والبيت من مقطوعة للفرزدق هجا بها جرايرًا يخاطب بها عمر لجأ التيميّ، وهي:

رأي عبدُ قيسٍ شوَّرتْ بها ... يَدَا قابسٍ أهْوَى بها ثُمَّ أخمدَا

عسى أنْ يُعيدَ المُوقدُ النارَ فالتمسْ ... بعينيك نارَ المصطَلِي حيثُ أوقدا

أعِد نظرًا يا عَبْدَ قيْسٍ لعلَّمَا ... أضاءت لكَ النارُ الحمارَ المقيدَّا

حمارَ كليبينَ لم يشهدوا بهِ ... رهانًا ولم يلفوا على الخيل روَّدا

ولا شهدوا يوم النِّسارِ ولمْ تعُدْ ... نساؤهمُ مِنْهُمْ كميًا مُوَسَّدا

حمارٌ بمروُّتِ السُخَامَةِ قارَبَتْ ... كليبيةٌ قينيهْ حتى ترَدَّدَا

كليبيةٌ لم يجعل الله وجههَا ... كريمًا ولم تُزجِر لها الطيرُ أسْعُدا

إلى أن قال بعد خمسة أبيات:

لئنْ عبث نار ابنِ المراغةِ إنها ... لأ لأمُ نارٍ مصطلينَ وموقِدًا

إذا ثقبوها بالكدادةِ لم تضِئ ... رئيسًا ولا عندَ المنيخينَ مرفدًا

ولكن ظرابي عندها يصطلونها ... يصُفُّونَ للزِرَّبِ الصفيحَ المُسنَدَّا

قنافذ درَّامون حولَ جحاشهمْ ... لما كانَ إيَّاهُمْ عطيةُ عُوَّدَا

أوردها ابن حبيب في "النقائض". وقال: عبد قيس هذا: عدي بن الجندب بن العنبر، وشوّرت بها: أشارت بها أو رفعتها يعني النّار، وقابس: مقتبس، وأخمد: أطفأ، انتهى. وهو من رهط جرير، وأراد بالخفقة: التهاب النار، وصوت حريقها،

<<  <  ج: ص:  >  >>