أبا خراشة أما كنت ذا نفر .. فلا شاهد فيه, وما تكون زائدة.
قال الفراء: نفر الرجل: رهطه, ويقال لعدة من الرجال من ثلاثة إلى عشرة, وهذا هو المشهور, والضبع: قال حمزة الأصبهاني في «أمثاله» التي على وزن أفعل عند قوله: «أفسد من الضبع»: إنها إذا وقعت في الغنم عاثت ولم تكتف بما يكتفي به الذئب, ومن إفسادها وإسرافها فيه استعارب العرب اسمها للسنة المجدبة, فقالوا: أكلتنا الضبع, وقال ابن الأعرابي: ليس يريدون بالضبع السنة, وإنما هو أن الناس إذا أجدبوا ضعفوا عن الانتصار, وسقطت قواهم, فعائت فيهم الضباع والذئاب, وإذا اجتمع الذئب والضبع في الغنم سلمت, ومنه قولهم: «اللهم ذئبًا وضبعًا» , أي: اجمعهما في الغنم, لأن كلاً منهما يمنع صاحبه.
انتهى. فيكون قوله: فإن قومي .. الخ كناية عن قوتهم, قال الدماميني: الضبع السنة المجدبة, فيه توربة, لأنه أوهم أنه يريد الحيوان المعروف, ورشح له بقوله تأكلهم وهو مجاز عن الشدة التي تحصل من جدب السنة, شبهها بالآكل, فهو استعارة تبعية. انتهى.
والتورية: إيراد لفظ له معنيان أحدهما قريب, ودلالة اللفظ عليه ظاهرة, والآخر بعيد ودلالة اللفظ عليه خفية, ويراد البعيد, فيورى عنه بالقريب, فإن جامعت شيئًا مما يلائم المعنى القريب المورى به عن البعيد المراد, سميت مرشحة, وإلا فمجردة, وعلى هذا فلا استعارة في الضبع بخلاف ما تقدم, فتكون السنة المجدبة مستعارة من اسم الحيوان الضبع, لأنها نهاية في الفساد, كما أن الأكل المراد به الإهلاك استعارة أيضًا, كقوله تعالى: {الذين ينقضون عهد الله} [البقرة/٢٧] حيث استعير فيه العهد للحبل, والنقض للإبطال, إلا أن الأكل لا يلائم السنة المجدبة, بخلاف النقض, فإنه ملائم للحبل, إلا أن يكون الأكل مستعارًا للمحق والإتلاف, وقال بعضهم: وقد جعل الأكل ترشيحًا للاستعارة