أن يقال: لعله يفعل، أو لعله لا يفعل، لأن معنى لعل التوقع لمرجو، أو لمخوف، والتوقع إنما يكون لما يتجدد ويتولد، لا لما تقضى وتصرَّم، فإذا قلت: خرج فقد أخبرت عما قضي الأمر، واستحال معنى التوقع له، فلهذا لم يجز دخول "لعل" عليه. انتهى. وقال ابن بري فيما كتبه عليها: اعلم أنَّ "لعل" وإن كان معناها ما ذكر، فإنَّ مخرج الكلام المشكوك فيه والمظنون، والشك والظن يكونان فيما مضى، وفيما يستقبل يدلك على صحة ذلك قول الفرزدق:
لعلك في حدراء لمت على الَّذي ... تخيّرتِ المعزى على كلِّ حالبِ
ومثله قول امرئ القيس:
وبُدلت قرحًا داميا ... البيت، ومثله قوله صلى الله عليه وسلم:"وما يدريك لعل الله اطلع" الحديث، ومثله قول الفرزدق:
أعد نظرًا يا عبد قيسٍ ... البيت. انتهى.
وقال ابن الحنبلي في شرحها: فإن قلت: قد جزم ابن بري باستعمالها مع الماضي مع قوله بأنَّ معناها ما ذكر من التوقع المقتضي لأن تستعمل مع المستقبل فحسب، قلت: وجهه أنه إذا كان معناها التوقع حقيقة، والتوقع يلزمه الشك والظن، ومن ثمة استحال على الله حتى قيل: إنه في قوله تعالى (فقولا له قولًا لينًا لعله يتذكر أو يخشى)[طه/ ٤٤] مصروف للمخاطبين، أي: اذهبا على رجائكما استعملت عند ذلك في مجرد الشك والظن اللازم لمعناها الحقيقي مجازًا، فساغ استعمالها مع الماضي أيضًا، لأنّ الشك والظن يكون فيما مضى أيضًا، انتهى.
والبيت من قصيدة لامرئ القيس، وقبله:
تأوبني دائي القديم فغلسَا ... أُحاذر أن يرتد دائي فأنكسَأ
وما خِلتُ تبريح الحياةِ كما أرى ... تضيق ذراعي أن أقومَ فألبْسَا
فلو أنها نفسٌ تموت سويّة ... ولكنها نفسٌ تساقط أنفسا