وبُدِّلت قرحًا داميًا بعد صحةٍ ... لعلَّ منايانا تحوّلن أبؤسَا
لقد طمح الطمَّاح من بُعد أرضهِ ... ليُلبسَني من دائهِ ما تلبَّسَا
وكان من حديث هذه القصيدة أن امرأ القيس لما قتل أباه بنو أسد، خرج إلى قيصر يستنجده، فأمدّه بعسكر، ولما كان عنده عشقته ابنة قيصر، فكان يأتيها، وكان معه حين خرج إلى قيصر عدة من العرب، منهم عمرو بن قميثة الشاعر، ومنهم الطماح بن قيس، وكان أبو امرئ القيس قتل أباه، فكان أمرؤ القيس يخبرُ أصحابه بأمر بنت قيصر، فقال له الطماح إلى قيصر، فقال له: هذا رجل جاء يطلب نصرك يخونك في أهلك، وأراه القارورة، فعرف صدقه، وقد كان حمل امرأ القيس وخاصّته على البريد، وتخلف سائرهم في جهازهم، فبعث إليه الحلة المسمومة، فلبسها في يوم شديد الحر، وقد كان يجسده قرح، فلما وقعت الحلة عليه تفطر جسده، وتناثر لحمه، فمات بأنقرة.
قال الأصمعي: تأوبني، أي: أتاني مع الليل، وغلّس: أتى مع الغلس، وهو ظلام الصباح بعد البُرء، وما خلت: ما ظننت، والتبريح: الشدة، وألبس بالبناء للفاعل، أي: يعجز مما به من شدة المرض أن يقوم، فيلبس ثوبه، وقوله: فلو أنها نفس تموت إلى آخره، قال الأصمعي: معناه لو أنّي أموت بدفعة واحدة لاسترحت، ولكن نفسي تتقطع قليلًا قليلًا، وقال غيره: يريد أن بموتي يموت ناس كثير، فعلى الأول تساقط بالفتح وأصله تتساقط، وأنفسًا: مفعول، وبدلت بالبناء للمفعول، والقرح بالفتح والضم: الحرج، أبؤس: جمع بؤس، وهو الشدة، قال الأصمعي: معناه: لعل ما قدّر للناس من مقدار تحول بؤسًا، والمنية: القدر. انتهى. وتحول من أخوات صار، وبه استشهد في كتب النحو.