للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية عطفها على امرئٍ الثاني، قال أبو جعفر: ومن لم يعطف على عاملين. رواه: ونارًا، قال أبو الحسن: تقديره: وكل نار، ثم تحذف، كقوله تعالى: (وَاسأَلِ القَريَةَ) [يوسف/٨٢] وقال ابن الحاجب في "أماليه": أكلَّ امرئٍ وامرءًا مفعولان لتحسبين، وقوله: ونار عند سيبويه مخفوض على حذف المضاف الذي هو "كل" لدلالة الأول عليه، وأراد به موجودًا مقدرًا، فلذلك بقي المضاف إليه على إعرابه، وهذا وإن كان على خلاف قياس حذف المضاف مخصوص عنده بكل ومثل إذا قصد بها التحقيق، لا التشبيه، كقولك: ما مثل عبد الله ولا أخيه يقولان ذلك، وإنما اختصتا بذلك من حيث كانا لذات واحدة في المعنى، فلما تقدم ما يدل على ذلك، اغتفر في الحذف، وبقي أثره على ما كان عليه، فعلى ذلك لا يكون قوله: "ونار" عطفًا على عاملين من حيث كان "نار" مخفوضًا بكل مقدرة في حكم الوجود، فكأنه قال: وكل نار، ولو صرح وقال: وكل نار لم يكن عطفًا على عاملين اتفاقًا وكذلك إذا كان "كل" مرادًا وجودها، لأنه يكون عطفًا على معمولي "تحسبين" خاصة، وهو عامل واحد، وكثير من النحويين لا يقدر تقدير سيبويه، لأنه عنده يوجب إعرابه بإعراب المحذوف على القياس المعروف في حذف المضاف، فيجعله معطوفًا على امرئ المخفوض أولًا ويجعل نارًا المنصوبة معطوفًا على امرءًا، ويجوز هذا الضرب من العطف على عاملين، وهو أن يكون الأول منها مخفوضًا، وأن يكون المعطوف جاء على الترتيب الأول، كقولك: في الدار زيد واحجرة عمرو، وأشباه ذلك، وسيبويه يمنع في هذه المسائل، ويتأول ذلك كله فرارًا من العطف على عاملين، انتهى المقصود منه.

والبيت آخر قصيدة عدتها خمسة عشر بيتًا لأبي الإيادي ذكر فيها أنه صاد بمهره ثورًا وبقرة وحشيين، ثم خاطب امرأته على سبيل الافتخار والتمدّح: أكل امرئ تحسبينه مثلث، وكل نار توقد بالليل تحسبينها نار قرى وضيافة. وتوقد: مضارع، واصله تتوقد، وروي بدله: تحرّق مثله، وأولها:

<<  <  ج: ص:  >  >>