للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول الآخر:

فإنْ كُنتَ سيِّدَنَا سُدْتَنَا ... وإنْ كنتَ للخالِ فاذهبْ فخَل

فزعم أبو الفتح أن قام في البيت الأول، و"فاذهب" في البيت الثاني زائدتان، لأن المعنى: وإن كنت الخال فخل، وعلى م يشتمني، وأنهما زيدتا توكيدًا للكلام، وتمكينًا له، والصحيح أنهما غير زائدتين، لأنه لا موجب لزيادتهما، بل "قام" في بيت حسان ليست ضد فعل، بل معنى ثبت من قوله تعالى: (إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا) [آل عمران/ ٧٥]، وكأنه قال: ما ثبت يشتمني لئيم، وكذلك: اذهب، له معنى لا يفهم إلا منه، ألا ترى أنَّ المعنى: إن سرتَ فينا سيرَ السادة المرضية، سُدتَنَا، وإن كنت تبغي الخال، فاذهب فاطلب لذلك قابلًا، وبه راضيًا، فإننا لا نقبل ذلك ولا نرضاه، ولو جعلت زائدة لا معنى لها، لكان الكلام يعطي ظاهره الرضى بالخال على الإدلال وهو خلاف مراد الشاعر. انتهى كلامه.

وقوله: كخنزير تفريض بكفره أو قبح منظره، لأنه مسخ مشوه أكَّال للقذر.

وقوله: تمرغ في رماد، تتميم لذّمِّه، والتغالي في هجوه، وإخساس لشأنه، واستهانة لأمره. انتهى كلامهما، والخنزير يدلُكُ نفسه بالشجر، ثم ليأتي للطين والحمأة، فيتلطخ بهما، وكلما يتساقط منه شيء عاد فيهما، فيكون في أقبح منظر.

قال الجاحظ في كتاب "الحيوان": العين تكره الخنزير جملة دون سائر المسوخ، لأن القرد وإن كان مسيخًا، فهو مستملح، والفيل عجيب ظريف بهي وإن كان سمجًا قبيحًا. انتهى.

والبيت من أبيات قالها حسان رضي الله عنه في هجو بني عابد - بموحدة بعدها دال مهملة - ابن عبد الله بن عمير بن مخزوم، قال البلاذري: لم يكن لهم

<<  <  ج: ص:  >  >>