للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسيف، وزعم يونس أنَّ العرب تنشد هذا البيت لهدبة:

فَإنْ تَكُ في أموالِنَا لا نَضِقْ بها ... ذِرَاعًا وإنْ صبْرٌ فنصبرُ للصَّبرِ

والنصب فيه جيّد بالغ على التفسير الأوَّل، والرفع على قوله: وإن وقع صبر، وإن كان فينا صبر فنصبر. انتهى. قال الأعلم: "الشاهد فيه حمل ما بعد إن على إضمار فعل مع جواز الرفع والنصب فيه، وتقدير الرفع: إن وقع صبر، وتقدير النصب: إن كان الذي يقع ويجب صبرًا. انتهى.

وقال ابن خلف: الشاهد أنه رفع صبرًا بإضمار كان، وجعلها سيبوية تامّة لا تحتاج إلى خبر محذوف، ذكره سيبويه في أوَّل هذا الباب، وليس في كلّ شيء من هذا الباب تقع كان تامّة نحو قولهم: المرء مقتول بما قتل به .. الخ، لا يحسن فيه أن يقال: إن وقع خنجر، وإن حدث خنجر، والمعنى: إن كان فيما قتل به خنجر لا يحسن فيه إلاَّ كان الناقصة. انتهى. وكذا رواه المبرد في أواخر "الكامل".

وهو من أبيات لهُدْبة بن خشرَم قالها عند معاوية، وذلك أنَّ هُدبة قتل ابن عمه زيادة بن زيد، فرفعه أخوه عبد الرحمن بن زيد إلى ابن العاصي، وكان أمير المدينة، فكره سعيد الحكم بينهما فأرسلهما إلى معاوية بالشام، فلمّا صارا بين يديه، قال عبد الرحمن: يا أمير المؤمنين، أشكو إليك مظلمتي وقتل أخي، فقال معاوية لهدبة: ما تقول؟ قال هدبة: أتحب أن يكون الجواب شعرًا أم نثرًا؟ قال: بل شعرًا، فإنّه أنفع، فقال هُدبة:

ألا يا لقومي للنوائبِ والدَّهْرِ وللمرء يُرْدِي نفسَهُ وهوَ لا يدري

إلى أن قال:

فلمَّا رأيتُ أنما هي ضربةٌ ... من السيفِ أو إغضاءُ عينٍ على وِتْرِ

عمدْتُ لأمرِ لا يُعَيِّرُ والدِي ... خَزَايَتُهُه ولا يسَبُّ به قبرِي

رُمينا فرامينَا فصادَفَ سَهْمُنا ... منيةَ نفسٍ في كتابٍ وفي قَدْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>