للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَا تقضِ فينا اليومَ بالحقِّ لا يبُؤْ ... بخزيٍ ولا يخرُجْ عنِ الحقِّ من شِبرِ

وأنتَ أميرُ المؤمنينَ فما لنَا ... وراءَكَ مِنْ مَعْدىً ولا عنكَ منْ قصرِ

فإِنْ تَكُ في أموالِنَا لا نضِقْ بهَا ... البيت

فقال له معاوية: أراك قد أقررت يا هُدبة، قال: هو ذاك، فقال له عبد الرحمن: أقدني، فكره ذلك معاوية، وضنَّ بهُدْبة عن القتل، وكان ابنُ زيادة صغيرًا، فقال له معاوية: وما عليك أن تشفي صدرك، وتحرِم غيركّ ثم وجه به إلى المدينة، فقال: يحبس إلى أني بلغ ابن زيادة، وقد ذكرنا بقية خبره إلى أن قُتل في الإنشاد الواحد والثلاثين بعد المائة.

قال ابن خلف: يقول: رمينا من جهة بني عمّنا، فراميناهم، فأصاب رميُنا من لم نرد قتله منهم إلا أنه كان قد قضى عليه القتل، يقول: وأنت أمير المؤمنين، والغاية في الحكام، فما لنا وراءك من معدىً، أي: من مُتَجاوزٍ، يعني: أنّه ليس فوقك من يحكم من أحد، وينظر في أمور الناس نتجاوزك إليه، والأمراء والحكّام والولاة كلّهم من قِبَلِكَ، ولا عنك من قصر، أي: لا يمكننا أن نقصر عنك في إتيانك، فنأتي غيرك، فما تقض فين اليوم لا يبوء بخزي، أي: لا يرجع بخزي في شيء تقضيه علينا، لأنه لا بدَّ من التزام أمر السلطان، وقوله: ولا يخرج عن الحق من بشر، يقول: لا يخرج قضاؤك عن الحق قدر شبر، ففي يخرج ضمير القضاء، وإن لم يجر ذكره، لأن قوله: فما تقض يدل عليه، وكذلك ضمير تك للدية، لأنها معلومة من المقام، والصبر: القتل موثقًا. انتهى. والعقل في رواية المصنف: الدية أيضًا، قال الأصمعي: سميت عقلًا تسمية بالمصدر، لأنَّ الإبل كانت تعقل بفناء ولي القتيل، والمال عند العرب: الإبل، وضاق بالأمر ذرعًا وذراعًا: عجز عن احتماله، وهما طاقة الإنسان التي يبلغها، والخزاية، بالفتح: الفضيحة، وقصر، بالضم: التقصير، ويبوء: مضارع باء بمعنى: رجع.

<<  <  ج: ص:  >  >>