ما وإلا فذهب الكسائي إلى جواز التقديم والتأخير فيه، وذهب البصريون والفراء إلى أنه إن كان الفاعل هو المقرون بإلا وجب تقديم المفعول، وإن كان المقرون بإلا هو المفعول، لم يجب تقديم الفاعل، بل يجوز كما حكاه ابن النحاس. واعلم أنَّ الزمخشري قال: أنما المفتوحة للحصر أيضًا كما في قوله تعالى: (إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ)[الأنبياء/ ١١٨] وبه صرَّح التنوخي في "الأقصى القريب" وأنكره أبو حيّان، ورد بأنَّ المكسورة أصل المفتوحة، فالظّاهر أنها مثلها، وفي "كتاب سيبويه" ما يدلّ على أنها لا تفيد القصر، فإنه قال في باب إنَّمَا: اعلم أنَّ كلَّ موضع تقع فيه أنَّ تقع فيه أنما، وما بعدها صلة لها كما في الذي، ولا تكون عاملة فيما بعدها كما لا يكون الذي عاملًا فيما بعده، فمن ذلك قوله تعالى:(إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ)[الكهف/ ١١٠] الآية فإنما وقعت أنما ها هنا، لأنك لو قلت: أنَّ إلهكم إله واحد، كان حسنًا، هذا آخر كلام الزركشي في "البحر".
وأما الثاني، فقد قال ناظر الجيش في "شرح التسهيل": في فصل الضمير بعد إنما مذهبان فمذهب سيبويه أنه ضرورة، لأنه لم يذهب إلى أنه بعد إلاَّ، وذهب الزجّاج إلى أنّه ليس بضرورة نظرًا للمعنى، فهو جائز عنده لا واجب، قال أبو حيّان: فقول ابن مالك: إنه يتعين الفصل مذهب ثالث، وصحح ابن عصفور أنه ضرورة، لدلالة قول العرب: أدافع عن أحسابهم، على أنّه من مواضع الاتصال وليس لشيء، لأنَّ الفصل إنَّمَأ يجب إذا قصر الحصر، وليس كلام العرب فيه، وأمّا قول سيبويه: إنَّ الفصل ضرورة في قوله: