فإنما منعه من وجه آخر، وقال ابن مالك: قول الزمخشري في قوله: إنما نقتل إيَّانَا، إنه من وقوع المنفصل موقع المتصل وهمٌ منه، لأنّه لو قال: إنما نقتلنا جمع ضميرين بمعنى، أحدهما فاعل والآخر مفعول، وهو مختص بأفعال القلوب، وإنَّمَا غرَّه ذكره في باب الضرورة كقوله:
إليكَ حتَّى بَلَغَتْ إيّاكَا
فقول أبي حيّان: إنَّ ما ذكر في "التسهيل" خطأ وجهل بلسان العرب، لقوله تعالى:(إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ)[سبأ/ ٤٦] وقوله: (إِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ)[آل عمران/ ١٨٥] و (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ)[يوسف/ ٨٦] فإنها لم تبرز فيها الضمائر. والمخطئ مخطئ لأنه ليس مما نحن فيه، ولسان حال المصنف يقول: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله، وخفاءُ مثله على الشيخ مما يتعجب منه. وقولهم: إنِّ سيبويه يقول: إنها لا تفيد الحصر مدخول، لأنَّ ما تمسكوا به من كلام الكتاب قد فسر بما يخالف ما قالوه، لأنَّ ما قاله من أنَّ انفصال الضمير ضرورة له وجه آخر غير ما قالوه، وهو أنَّ انفصال الضميرين في مثله ممنوع، فحقّه أن يقول إلاَّ أنفسنا، وقوله: إنَّ "إنما يعني إنَّ" بيان لأصل معناه، وهو الوكيد، والحصر لا يبحث عنه النجاة، فإنه وظيفة علم البيان إن قلنا إنه بطريق المفهوم، واعلم أن النحاة استدلوا على أنه بمعنى ما وإلا بانفصال الضمير، فإنه ينفصل بعد إلا، وهو المسموع من العرب، وعليه قول الفرزدق، وقيل: إنه ليس بضرورة لإمكان أن يقول: أدافع أنا، وأنا تأكيد للضمير المستتر، وقول أبي حيان ردًا عليه: إنه لم يقل أحد بوجوب انفصال الضمير بعد إنما، فإن سيبويه منعه، والزجاج جوزه: لا وجه له، لما علمت من توجيه كلام سيبويه،