ويُنَادُونَهُ وقدْ صُمَّ عنهُمْ ... ثمَّ قالوا وللنساءِ نَحِيبُ
ما الذي غَالَ أن تُحِيرُ جَوَابًا ... أيُّهَا المصقَعُ الخطِيبُ الأديبُ
فلئن كنتَ لا تُحِيرُ جَوَابًا ... فبما قد تُرَى وأنْتَ خَطيبُ
في مقالٍ وَمَا وعظْتَ بشيءٍ ... مثلَ وعظٍ بالصمتِ إذْ لا تُجِيبْ
انتهى. ورأيت في "تهذيب الطبع" وهو كتاب في نقد الشعر والبديع لم أعرف مؤلفه، نسبة هذه الأبيات لصالح بن عبد القدوس قال: ولما مات الاسكندر ندبه أرسطاليس، فقال: طالما كان هذا الشخص واعظًا بليغًا، وما وعظ بكلامه موعظة قط أبلغ من موعظته اليوم بسكوته، فأخذه صالح بن عبد القدوس، فقال:
ويُنَادُونَهُ وَقَدْ صُمَّ عَنْهُمْ ... ثُمَّ قالُوا ولِلنِّسَاءِ نَحِيبُ
مَا الذي عَاقَ أنْ تَرُدَّ جَوَابًا ... أيها المِقْوَلُ الخطيبُ الأَديبُ
إنْ تكَنْ لا تُطيِقُ رَجْعَ جَوَابٍ ... فَبِمَا قَدْ تُرَى وَأَنْتَ خَطِيبُ
ذُو عِظَاتٍ وَمَا وَعَظْتَ بشيءٍ
واختصره أبو العتاهية في بيت فقال:
وكانَتْ في حياتِكَ لي عِظَاتٌ ... فَأَنْتَ اليَوْمَ خَيْرٌ مِنْكَ أَمْسِ
ومثله لإسماعيل بن القاسم:
وكانتْ في حياتِكَ لي عِظَاتٌ ... فأنتَ اليومَ أوعَظُ مِنْكَ حيّا
انتهى. وقوله: فَبِما قد ترى وأنت خَطِيب، كذا رأيته في الكتابين فبما بالفاء موضع اللام، وهو مبني على مذهب الكوفيين في جعل الجملة لعد لئن جوابًا للشرط دون القسم، ورواية البصريين لَبِما باللام على جعل الجملة جوابًا للقسم المقدر لسبقه لا للشرط، لأنه متأخر عن اللام الموطئة للقسم، وهذا في الحقيقة سبب، والجواب محذوف، أي: لم يقدح في فصاحتك. وأقول: إسماعيل بن القاسم هو الملقب بأبي العتاهية، وقد أنشد المبرد في "الكامل" البيت الأخير من أبيات له وهي: