للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعنوي، فلأنه إذا وصف بالمصدر صار الموصوف كأنه في الحقيقة مخلوق من ذلك الفعل، وذلك لكثرة تعاطيه له، واعتداده إيّاه، ويدلّ على أنَّ هذا معنى لهم، ومتصوّر في نفوسهم قوله:

ألا أصْبَحَتْ أَسْمَاءُ جاذِمَهَ الحَبْلَ ... وَضَنَّتْ عَلَيْنَا وَالضَّنِينُ مِنَ البُخْلِ

لكثرة ما يأتي منه، ومنه قول الآخر:

وَهُنَّ مِنَ الإخْلافِ بَعْدَكَ والمَطْلِ

وأصل هذا الباب عندي قول الله عزَ وجلَ: (خُلِقَ الإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ) [الأنبياء: ٣٧]، وقال ابن الأنباري في كتاب "الأضداد": إنّه من القلب، ومعناه: والبخل من الضنين، وقال ابن حبيب: هو على حذف مضاف، والتقدير: من أهل البخل، والبيت من قصيدة للبعيث وبعده:

وَصَدَّتْ فَأَعْدَانَا بِهَجْرٍ صُدُودُها ... وَهُنَّ مِنَ الإِخْلَافِ قَبْلَكَ وَالْمَطْلِ

أَنَاةٌ كَأَنَّ المِسْكَ تَحْتَ ثِيَابِهَا ... وَرِيحَ الخُزَامَي الطَّلَ فِي دَمَثِ الرَّمْلِ

إلى أن قال:

لَعَمْرِي لَقَدْ أَلْهَى الفَرَزْدَق قَيْدُهُ ... وَدُرْجُ نَوَارِذُ والدِّهَانِ وَذُو الغِسْلِ

فيا لَيْتَ شِعْرِي هَل تَرَى لِي مُجاشِعٌ ... غَنَائيَ فِي جُلِّ الحَوَادِثِ أوْ بَذْلي

وَذَبِّيَ عَنْ أَعْرَاضِهِمْ كُلَّ مُتْرَفٍ ... وَجِدِّي إذا كَانَ القِيَامُ عَلى رِجْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>