مفتوحاً، ولو فتحت الراء ولم يرجع المحذوف، لتغيرت الصيغة، فلم تدل على التعجب، ونون التوكيد الخفيفة إذا وقف عليها تبدل ألفاً، فيكون "أحريا" تأكيداً لقوله: أحر به! والوصف من هذه المادة: حري كفتي، بمعنى اللائق والخليق والجدير، ويثنى ويجمع، وقد يوصف بالمصدر للمبالغة، فيقال: زيد حري بأن يفعل كذا، ولا يثنى ولا يجمع، لأن المصدر يصدق على القليل والكثير، ويتعجب منها بالصيغة الأخرى، فيقال: زيد ما أحراه بكذا، ورواه جماعة:"وأحربا" بالموحدة وكسر الراء، فيكون أيضاً صيغة تعجب أكدت بالنون شذوذاً، وحذف المتعجب منه أيضاً، والأصل أحرب به، ومعناه: التعجب من أخذ ماله جميعاً.
قال الأزهري في "التهذيب": ويقال حُرب فلان حرباً، فالحرب: أن يؤخذ ماله كله، فهو رجل حرب، أي: نزل به الحرب، وهو محروب وحريب، وحريبة الرجل: ماله الذي يعيش به، والحريب: الذي سلب حريبته. انتهى. وقال صاحب "المصباح" أيضاً: حرب حرباً من باب تعب: أخذ جميع ماله، فهو حريب، وحرب: بالبناء للمفعول كذلك، فهو محروب. انتهى. وكذا أورده الأصمعي بالموحدة في "كتاب الإبل" وفسره بهذا المعنى، وقال: الألف بدل من النون، قال بعد إنشاد البيت: يريد أحرب بما أصابه، أي: دخل عليه حرب، وسمعت من أبي طرفة يقول:"والله لا أسمح به وأحربن" بالنون الخفيفة. انتهى.
[ونقل السيوطي عن المصنف أنه قال: قيل: غضيى بالمثناة التحتية، وأحربا: بالموحدة، وعليه صاحب "المحكم" وابن السكيت في "إصلاحه"].
وقال ابن السيرافي في شرحه، أراد: رب إنسان صار ماله قليلاً بعد أن كان كثيراً، فأحر به! تعجب كما تقول: أكرم به! يريد: ما أحراه أن يطول فقره. وقوله: وأحربا: تعجب من قولهم حرب الرجل: إذا ذهب ماله وإذا قل. قال المصنف: على هذا، فلا تأكيد [ولا نون]، وخرج البيت من أيدينا، ثم قال: ولم يذكر