للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: والجوهري أيضاً تبع خاله الفارابي، فأورده كما ذكره، واعتبرت "التهذيب" للأزهري، فقرأت في خطه في المعتل: الغضيى: مائة من الإبل، واستشهد بالبيت عليه، فقد صح ما ذكره النيسابوري، هذا آخر كلام ياقوت.

فأفادنا أن أول من صحف هذه الكلمة الفارابي، وتبعه ابن فارس، والجوهري، وتبع صاحب "القاموس" تخطئة الجوهري، فقال: وقول الجوهري: غضبى اسم مائة من الإبل تصحيف، والصواب غضبى بالمثناة تحت. ورأيت في كتاب "الإبل" للأصمعي في نسخة غير موثوق بها: غضبى بالموحدة قال: وقال: أتانا بغضبى معرفة لا تنون، وغضبى: مائة من الإبل، وأنشد البيت، وكذلك رأيتها بالباء الموحدة في كتاب "المقصور والممدود" لابن ولاد، لكن في نسخة صحيحة قال: غضبى: مائة من الإبل معروفة، كذلك هنيدة وأنشد البيت، وكتب كاتبها في آخر النسخة: تم "المقصور والممدود" وكتبه الحسن بن علي الصقلي بخطه، وقرأت هذا الكتاب على أبي الحسين علي بن أحمد بن محمد بن جعفر المهلبي قدم علينا دمشق سنة أربع وأربعين وثلاثمائة، وقرأه أبو الحسن علي أبي العباس أحمد بن محمد بن الوليد ابن ولاد النحوي، وهو مصنف هذا الكتاب، وقال أبو الحسين المهلبي: صنف أبو العباس هذا الكتاب في سنة ثلاث وثلاثمائة قبل مولدي بسنة. انتهى.

فيكون ابن ولاد أيضاً ممن صحف هذه الكلمة، والعجب من ابن حيان، فإنه نقل عن ابن ولاد أن غضبى بالنون، فإنه قال في باب التصريف من "شرح التسهيل": غضبى: معرفة اسم لمائة من الإبل، وقال ابن ولاد: هي غضنى بالنون. انتهى.

وأما الكلمة الأخيرة وهي: أحريا، فالمشهور أنها بالمثناة التحتية على أنها صيغة تعجب، والمتعجب منه محذوف لدلالة الأول عليه، كقوله تعالى: (أَسْمِعْ بِهِمْ وأَبْصِرْ) [مريم/٣٨] وفعله حري يحرى حرى، كتعب يتعب تعباً، ولما كانت هذه الصيغة في صورة الأمر حذف حرف العلة من آخرها كما يحذف من الأمر، فقيل: أحر به! ولما أكدت هذها لكلمة شذوذاً، رجع المحذوف فقيل: أحرين، وإنما رجع، لأن هذه النون تطلب أن يكون ما قبلها

<<  <  ج: ص:  >  >>