للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ناء من التصبيح نأي المغتبق ... تبدو لنا أعلامه بعد الغرق

التصبيح هنا من الصبوح: وهو شرب الغداة، وأكثر ما يقولون: صبحت الرجل بتخفيف الباء، والمثل السائر: "أين أغدو إذا صبحتموني"، والاغتباق: شرب الليل، يقال: غبقت القوم وهم مغتبقون، والاسم الغبوق، والجاشرية: شرب إذا جشر الصبح، والفحم: شرب أول الليل، وربما قالوا: شرب العتمة، وإنما أخذ من فحمة الليل، وفحمته: ظلامه، والمقيل: شرب نصف النهار، والنائي: البعيد، والمعنى: إن هذه الأرض بعيدة من الغبوق، والصبوح، لأنهما فيها متعذران، فأما الغبق، فلا يقدر عليه المسافر، وأما الماء، فلا يصل إليه السالك إلا بمشقة وسير شديد. وقوله:

تبدو لنا أعلامه بعد الغرق

أي: يرفعها الآل، ثم ينكشف عنها، فيراها الناظر على ما يعهد:

في قطع الآل وهبوات الدقق ... خارجة أعناقها من معتنق

الآل: الذي يرفع الشخوص في أول النهار، والهبوات جمع هبوة وهي الغبرة، والأجود هبوات، بتحريك الباء، ولكنه سكنها للضرورة، والدقق، جمع الدقة وهو التراب الدقيق، والضمير في أعناقها للأعلام، ومعتنق: مصدر اعتنق معتنقاً، يقول: تخرج أعناق هذه الأعلام من اعتناق الآل إياها. ويجوز أن يكون المعتنق موضعاً في هذا البيت، لأن الفعل إذا بلغ الأربعة فما زاد استوى فيه المصدر واسم الزمان واسم المفعول:

تنشطته كل مغلاة الوهق ... مضبورة قرواء هرجاب فنق

تنشطته: جواب رب كما تقدم، أي: قطعته، قال المعري: أي خرجت منه، مأخوذ من الناشط، وهو الذي يخرج من بلد إلى بلد، ويجوز أن يكون تنشطته مأخوذ من حل الأنشوطة، كأنها حلت عنها عقد هذه البلد، والمغلاة: التي تغلو في السير، أي: تزيد فيه وهي مشبهة بالمغلى من السهام وهو الذي يرمى به

<<  <  ج: ص:  >  >>