ثم استمروا وقالوا إن موعدكم ... ماء بشرقي سلمى فيد أوركك
أراد "رك" فأظهر التضعيف، وهذا أبعد من قوله الحشك، لأن إظهار التضعيف كالضرورة الثانية، وأكثر ما يستعملون التحريك ساكناً في القافية، وربما جاء في حشو البيت، وأنشد بعضهم:
ونحن في لذات عيش وجذل ... من سمن مستلأ ومن عسل
يكل وفد الريح من حيث انخرق ... شأز بمن عوه جدب المنطلق
كان في النسخة يكل بفتح الياء، ولا يمتنع ذلك، ويكل، أي: يعيا، وإنما أصل الكلال في الحيوان، فاستعاره ههنا للريح، ووفدها: ما يفد منها، وإذا فتحت الياء من يكل، فيجب أن يكون في قوله: انخرق ضمير يعود على قاتم الأعماق، فإن جعل الضمير الذي في انخرق عائداً على الوفد، ففي الكلام حذف، كنه قال: يكل وفد الريح من حيث انخرق فيه، والأحسن أن تضم الياء من يكل وينصب وفد الريح، ويكون في "يكل" ضمير عائد على قاتم الأعماق، يقال: انخرقت الريح وتخرقت، وريح خريق، أي: شديدة الهبوب، قال الشاعر:
تكأن حفيفه خفقان ريح ... خريق بين أعلام طوال
ويقال: مكان جدب وجديب، وهو ضد الخصيب، واشتقاق جدب الأرض والسنة من قولهم: جدبت الرجل: إذا عبته، وقوله: بمن عوه، أي: أقام، والشأز، أصله المكان الغليظ الذي لا يطمئن عليه القائم ولا القاعد، ولا المضطجع، ثم استعير في كل ما يصعب من الأمور، يقال: أشأزني الأمر إشآزاً، وهذا أمر مشئز، والمنطلق: الموضع الذي ينطلق فيه، أي: يذهب ويسلك.