كان الوجه أن يقال: ثلاثة أوعال: لولا الضرورة، وقد جاء مثل ذلك في شعر ابن هانئ وهو قوله:
أقمنا بها يوماً ويوماً وثالثاً ... ويوماً له يوم الترحل خامس
يريد أياماً أربعة. انتهى.
وفصل الخفاف الإشبيلي في شرح "الجمل" فقال: ولا يجوز الجمع إلا فيما غلب فيه أحد الأسماء على سائرها، وذلك موقوف على السماع نحو:"المهالبة" في المهلب وبنيه، و"الحوص" في الأحوص وإخوته، وإن اتفقت، فلا يخلو أن تتفق المعاني، أو تختلف، فإن اختلفت، فالعطف، ولا يجوز الاجتماع إلا حيث سمع نحو: الأحامرة، في اللحم والخمر والزعفران، وإن اتفقت الألفاظ والمعاني، فلا يخلو أن تكون الأسماء أعلاماً باقية على علميتها، أولا تكون، ففي الأول العطف ليس إلا، وإن لم تكن باقية على علميتها فالجمع، ولا يجوز العطف إلا في ضرورة، قال الشاعر: أقمنا بها يوماً ويوماً .. البيت، فعطف. كان القياس أن يقول: أقمنا بها أياماً أربعة فيجمع لولا الضرورة للوزن. انتهى.
وقد فصل ابن الشجري في أول المجلس الثاني من "أماليه" ما يخص الشعر وما يجوز في غيره تفصيلاً جيداً، ولولا خوف الإطالة لأثبته هنا. والبيت أحد أبيات ثمانية وهي:
ودار ندامى عطلوها وأدلجوا ... بها أثر منهم جديد ودارس
مساحب من جر الزقاق على الثرى ... وأضغاث ريحان جني ويابس
وقفت بها صحبي فجددت عهدهم ... وإني على أمثال تلك لحابس
ولم أدر من هم غير ما شهدت به ... بشرقي ساباط الديار البسابس