أولئك قوم لم يشيموا سيوفهم ... ولم تكثر القتلى بها حين سلت
قال قوم:[أراد]: لم يغمدوا سيوفهم إلا بعد أن كثرت بها القتلى، كما تقول: لم أضربك ولم تجن علي، أي: إلا بعد أن جنيت علي، وقال آخرون:[أراد] لم يسلوا سيوفهم إلا و [قد] كثرت بها الفتلى كما تقول: لم ألقك ولم أحسن إليك، أي: إلا وقد أحسنت إليك، والقولان جميعاً صحيحان: لأنه من الأضداد. انتهى. يعني أن "شام" من الأضداد، يقال: شام سيفه، إذا سله، وشام سيفه: إذا غمده، وعلى المعنيين. جملة "قد" و"لم تكثر القتلى": حال من الواو، في يشيموا كما قرره ابن رشيق، ومثله، في وقوع الجملة حالية باعتبار كل من المعنيين، ما أنشده ابن السكيت في كتاب "أبيات المعاني" وأروده غفلاً:
كماة حماة لم يشيموا سيوفهم ... ولم يخضبوها من دم متصبب
ولكن اقتصر ابن السكيت على معنى الإغماد، فقال: معناه لم يغمدوا سيوفهم حتى خضبوها، وكذا اقتصر الأخفش المجاشعي في كتاب "المعاياة" على معنى الإغماد في البيت الشاهد، ورواه هكذا:
أسود ضراء ما تشام سيوفهم ... ولم تكثر القتلى إذا هي سلت
أراد: ما تشام سيوفهم إذا هي سلت، ولم تكثر القتلى، ولكنها تشام وقد كثرت القتلى. انتهى.
وتبعه المبرد، فقال: قال الفرزدق:
بأيدي رجال لم يشيموا .. .. البيت
وهذا البيت طريف عند أصحاب المعاني، وتأويل لم يشيموا: لم يغموا، ولم تكثر القتلى، أي: لم يغمدوا سيوفهم إلا وقد كثرت القتلى حين سلت.
وتبعه ابن الأنباري أيضاً فقال في كتاب "الأضداد": و"شمت" حرف من