الاثنين من "يصطحبان" على "من" حملاً على المعنى، لأنه أريد بمن اثنان. وروي أول البيت: تعال فإن ... وقال ابن جني في "المحتسب": ومن ذلك قراءة عمرو بن فائد: (يا نساء النبي من تأت منكن)[الأحزاب/ ٣٠] بالتاء وهذا حمل على المعنى كأن "من" هنا امرأة في المعنى، فكأنه قال: أية امرأة أتت منكن، أو تأت. وهو كثير في الكلام، ومعناه البيان، وقول الله سبحانه:(ومِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إلَيْكَ)[يونس/ ٤٢] وقول الفرزدق:
تعش فإن عاهدتني ... البيت
أي: مثل اللذين يصطحبان، أو مثل اثنين يصطحبان، وأن يكون على الصلة أولى من أن يكون على الصفة، فكان الموضع في هذا الحمل على المعنى إنما بابه الصلة، ثم شبهت بها الصفة، ثم شبهت الحال بالصفة، ثم شبه الخبر بالحال، كذا ينبغي أن يرتب هذا الباب من تنزيله، ولا ينبغي أن يؤخذ باباً سرداً وطرحاً واحداً، وذلك أن الصلة أذهب في باب التخصيص من الصفة لإبهام الموصول، فلما قويت الحاجة إلى البيان في الصلة، جاء ضميرها من الصلة على معناها، لأنه أشد إفصاحاً بالغرض، وأذهب في البيان المعتمد. انتهى كلامه. فاختار كون "من" موصولة، فيكون النداء قد اعترض به بينه وبين الصلة، وكذا قال ابن السيرافي في "شرح شواهد سيبويه"، وتقدم توجيه أبي علي على ذلك في قوله:
ذاك الذي –وأبيك- تعرف مالك
وقال ابن المستوفي في "شرح أبيات المفصل": هذا الفصل بين الموصول والصلة ضرورة.