قال السيرافي: فسر أبو العباس المبرد، والزجاج، في هذين البيتين، قول سيبويه وقول عيسى بن عمر. فأما قول سيبويه، فإنه جعل لا أشتم جواب يمين، إما أن يكون جواب "حلفة" كأنه قال: عاهدت ربي على أن أقسمت، وعلى أن حلفت، لا أشتم الدهر مسلماً، أو يكون عاهدت بمعنى أقسمت، كأنه قال: ألم ترني أقسمت، ويكون "خارجاً" في معنى المصدر، ويكون التقدير: ولا يخرج خروجاً، عطفاً على أشتم، وجعل خارجاً في معنى خروجاً. قال أبو العباس: ومثله: قم قائماً، أي: قم قياماً، ومثله من المصادر: العاقبة والعافية، فهو على لفظ فاعل. وفسرا قول عيسى أن خارجاً حال، وإذا كان حالاً، فهو عطف على ما قبله، وإذا كان كذلك، وجب أن يجعل الفعل في موضع الحال، فكأنه قال: لا شاتماً مسلماً، ولا خارجاً من في زور كلام، والفعل المستقبل يكون في موضع الحال، كقولك: جاءني زيد يضحك، أي ضاحكاً، وجعلا العامل في الحال، على مذهب عيسى، عاهدت. كأنه قال: عاهدت ربي لا شاتماً الدهر مسلماً، فالمعنى: موجباً على نفسي ذلك ومقدراً أن لا أفعله. وكلام سيبويه الذي حكاه عن عيسى يخالفه، لأنه يعني عيسى بن عمر لم يكن يحمله على "عاهدت" ومعنى قول سيبويه: لو حملته على أنه نفى شيئاً هو فيه، أي: نفي الحال وهو قوله: لا أشتم ولا خارجاً، فإذا لم يكن العامل في الحال "عاهدت" على ما حكاه سيبويه عن عيسى، كان نصبه على أحد وجهين: إما أن يكون المفعول الثاني من ترني، كأنه قال، ألم ترني لا شاتماً مسلماً، فهذا وجه ذكره أبو بكر مبرمان وما يعجبني هذا، لأن "عاهدت" في موضع المفعول الثاني، فقد تم المفعولان، وأجود منه أن يكون على حلفة، كأنه قال: على أن حلفة لا شاتماً مسلماً، والمصدر وهو "حلفة" يعمل عمل الفعل. إلى هنا كلام السيرافي.