أقول: جعل جملة "لا أشتم" في موضع المفعول الثاني لترني، توجيهاً لقول عيسى بن عمر، خلاف المفروض، ويلزم على قول عيسى بن عمر خلو القسم من جواب، وهو الذي عاهد عليه، ولهذا كان مذهب سيبويه أحق بالقبول، قال أبو علي في "الحجة" عند قوله تعالى: (لَمَا آتَيْتُكُم) من سورة آل عمران [الآية/ ٨١]: قرأ حمزة [وحده]، بكسر اللام ووجهه: أنه يتعلق بالأخذ، "كأن المعنى أخذ ميثاقهم لهذا، لأن من يؤتى الكتاب والحكمة يؤخذ عليهم الميثاق لما أوتوه من الحكمة، وأنهم الأفاضل وأماثل الناس، فإن قلت: أرأيت الجملة التي هي قسم، هل يفصل بينهما وبين المقسم عليه بالجار؟ قيل: قد قالوا: بالله، الجار والمجرور متعلقان بالفعل والفاعل المضمرين، كذلك قوله: "ألم ترني عاهدت ربي ... على حلفة لا أشتم" فيمن جعل لا أشتم، يتلقى قسماً، وهو قول الأكثر، على قوله: على حلفة، بعاهدت، فكذلك قوله:(لما آتيتكم) في قراءة حمزة. انتهى كلامه. وأورد المبرد هذين البيتين في "الكامل" وذكر المذهبين إجمالاً، وقال: خارجاً اسم فاعل وضع موضع المصدر، والمصدر يقع في موضع اسم الفاعل تقول: ماء غور. أي: غائر، قال جل وعز (إنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا)[الملك/ ٣٠] ويقال: رجل عدل، أي: عادل، ويوم غم، أي: غام. وهذا كثير جداً، فعلى هذا جاء المصدر على فاعل كما جاء اسم الفاعل على المصدر، ي قال: قم قائماً، وجاء من المصدر على لفظ فاعل حروف منها: فلج فالجاً، وعوفي عافية، وأحرف يسيرة، وجاء على مفعول نحو: رجل ليس له معقول، وخذ ميسوره، ودع معسوره، لدخول المفعول على المصدر، يقال: رجل رضى، أي: مرضي، وهذا درهم ضرب الأمير، [أي: مضروب]، وهذه دراهم وزن سبعة، أي: موزونة. انتهى.