وما كنت مذ أبصرتني في خصومةٍ ... أراجع فيها يا ابنة العم قاضيا
على أن قوله: «لا» ليس جوابًا لسؤالها, بل رد لما توهمته من وقوع أحد الأمرين: كونه ذا زوجة, وكونه ذا خصومة, ولهذا لم يكتف بقوله: لا, إذ كان رد ما لم يلفظ به إنما يكون بالكلام التام, فلهذا قال: إن أهلي جيرة .. البيت, وما كنت مذ أبصرتني .. البيت. قال الدماميني: وهذا السؤال والجواب مسطوران في «شرح الجمل» لابن عصفور, ومذكوران فيما وجد له من «شرح الجزولية» ولعل المصنف وقع له ذلك على سبيل المواردة ولاتفاق, ولم يطلق على كلامه. انتهى. قال شيخنا الشهاب الخفاجي: قلت: لا وجه لما ذكره من أن المصنف توارد فيه مع غيره, وأي مانع من أخذه من كلام غيره! وليس هذا بأحسن من عدم وقوفه على كتب من قبله. انتهى.
وهذه عبارة ابن عصفور: إن قال قائل: فكيف قال ذو الرمة: تقول عجوز .. الأبيات الأربعة؟ فأجاب «أم» من قوله:
أذو زوجة بالمصر أم ذو خصومة
بقوله: «لا» وهي متصلة, ألا ترى أنها تقدمنها الهمزة وما بعدها مفرد, فالجواب أن قوله: «لا» جواب لاعتقادها, وذلك أنها لم تسأل بأم المتصلة إلا بعدما قطعت في ظنها بأنه إما ذو زوجة وإما ذو خصومة, فأجابها عن ذلك بلا, كأنه قال: لست ذا زوجة ولا ذا خصومة. ولو كان سؤالها بأم سؤالًا صحيحًا, لم يكن الجواب إلا بأن يقول: ذو زوجة, أو: ذو خصومة, فإن قال قائل: فلعل أم هذه منفصلة, ويكون ذوخصومة خبر ابتداء مضمر, كأنه قيل: أم أنت ذو خصومة, فيكون ما بعدها جملة, ولذلك أجاب بلا, فالجواب أن أم المنقطعة إنما يجاب ما بعدها خاصة, لأن ما قبلها مضرب عنه, فلا يحتاج إلى جواب,