وهو ههنا قد أجاب عن قولها: أذو زوجة, وعن قولها: أم ذو خصومة, فنفى أن يكون ذا زوجة بالمصر بقوله: إن أهلي جيرة .. البيت. ونفى أن يكون ذا خصومة بقوله: وما كنت مذ أبصرتني في خصومة .. , فلم يبق إلا أن يكون محمولًا على ما ذكرنا. انتهى كلامه.
وأخذ الجواب أبو حيان أيضًا فقال في «شرح التسهيل»: لما رأته يتردد على بابها رواحًا وغدوًا, توهمت أنه ذو زوجة أو ذو خصومة: فأجابها بلا, أي: لست واحدًا من هذين, وأعلمها أنما توهمته لم يكن فتسألي عن تعيين ما توهمت أني متلبس به. انتهى.
وأخذه الخفاف أيضًا برمته, وأورده في «شرح الجمل» ولم يعزه إليه, وأخذه التاج التبريزي أيضًا وأورده في «شرح الكافية الحاجبية» بمقدار ما أورده المصنف, ثم قال: وقال مولانا عز الدين: إنما جاء بلا لأنه جعلها منقطعة, كأنها قالت: أذو زوجة بالمصر بل أنت ذو خصومة. انتهى كلامه. ولم يتعقبه بشيء, وهو مردود بما قاله ابن عصفور. ونقل ناظر الجيش كلام ابن عصفور برمته في «شرح التسهيل» وعزاه إليه. وأخذه الصفار أيضًا, وأورده في شرح «كتاب سيبويه» ولم يعزه إليه. ونقله عن الدماميني في «المزج» وعقبه بقوله: قلت: وظاهر كلامهم أن «لا» في كلام ذي الرمة هي الجوابية أخت «نعم» ولو قيل بأنها الناهية, والمعنى: لا تظني ما ذكرت من أني متصف بأحد ذينك الأمرين, وحذف الفعل المنهي عنه لقرينة قوله: إن أهلي جيرة .. الخ, لكان حسنًا, واندفع السؤال بذلك لابتنائه على أن «لا» هو الجوابية, وقد منعناه فتأمله.