للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: تقدمون الخيل شعثاً، وأما قوله: بآية ما يحبون الطعام، فالشاهد فيه إذا جعلت "ما" لغواً، وليس بلازم جعلها لغواً، لأنه يحتمل أن يجعل "ما" و"يحبون" مصدراً، كأنه قال: بآية محبتهم الطعاما، ومثله قول عمر ابن أبي ربيعة:

رآية ما قالت غداة لقيتها ... بمدفع أكنان أهذا المشهر

انتهى كلامه. فالسيرافي يجوز إضافة "آية" إلى المفرد المؤول من الفعل، وحرف المصدر، بخلاف سيبويه.

وقال النحاس في شرح شواهده: كان أبو إسحاق يرى أنه حكاية، وقال غيره: المراد المصدر، وقال المبرد: إضافة آية إلى الفعل بعيد، وجاز على بعد للزوم الإضافة، لأن آية لا تكاد تفرد إذا أردت بها العلامة. انتهى. ويرد على المبرد قوله تعالى: (وآيَةٌ لَّهُمُ اللَّيْلُ) [يس/ ٣٧]، (وآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ) [يس/ ٤١].

وقال الأعلم في شرح شواهده: الشاهد فيه إضافة آية إلى "تقدمون" على تأويل المصدر، أي: بآية إقدامكم الخيل. يريد: أن المعنى عليه لا أن الفعل مؤول بحرف مصدري مقدر، إذ الغرض أنه مضاف إلى الجملة من دون سالك، وهذا من باب التجريد، وذلك بأن تجرد الفعل عن أحد مدلوليه وهو الزمان، فيتمحض للحدث، كما قيل في قولهم: "تسمع بالمعيدي خير من أن تراه" على رواية الرفع، فيكون "تسمع" مبتدأ و"خير": خبره، وخرج البيضاوي عليه آيات تبعاً لصاحب "الكشاف" منها قوله تعالى: (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>